بقلم : الخصير قدوري
قيل من كان يعبد هبلا فان هبل قد رحل….
اجل وما بقي منه في مربضه سوى روائح منتنة، بدأت تزكم أنوف الساكنة تنبعث من غرب تاوريرت المدينة ،ولا يتعلق الأمر بمحطة معالجة المياه العادمة وإنما من دونها وبالضبط مركز العاصمة
وليس ثم من دخان يتصاعد دون نار، ذلك ما أفادنا به احد المتتبعين للشأن المحلي حول خلفيات المطاردة الويستيرنية على الطريق المؤدية إلى سد الحسن الثاني يوم الأحد 2 من فبراير الجاري حوالي الساعة العاشرة صباحا والتي انتهت بمنازلة بين شخصين قبلا في نهاية المطاف الاحتكام إلى السلاح الناري كما سبق الإشارة إليه سابقا
ويتعلق الأمر بمعاملة أو صفقة مبرمة بين الطرفين بمباركة أو مشاركة مسئول سابق، قد لم يوف بتسوية الملف لأسباب قاهرة ولم يمهله القدر أياما معدودات وبالأحرى سويعات قليلات كذلك حال الدنيا إذا جاء اجل المرء لا يستاخر ساعة و لا يستقدم وليس ثم من تاركها وقد صفى جميع حساباته فيها
وكيفما كان عذر المرء بعد فوات الأوان مرفوضا أو مقبولا فليأتي بعده الطوفان وإذا اخذ الموت المدان فليتشبث المدين بالأكفان وما أكثر ما سيكشف عنه الحديدان وأعظم ما يخفيه الظلام ذلك ما يكون قد حدا بأحد الطرفين ليطالب الأخر باعتباره الوسيط بالثمن المدفوع من اجل إتمام الإجراءات المتعلقة بموضوع الصفقة ولم تكن في غالب الأمر سوى قطعة أرضية يقال هي بالحي الصناعي ويقال في أية جهة من جهات المدينة المعروفة بتكالب جبابرتها حول نهب الأرض وليس غيرها علما أن رفوف المحكمة بدأت تئن تحت ثقل كثير من الملفات المعروضة عليها في هذا الشأن وستبدي لنا الأيام المقبلة العجائب وتحكي لنا الليالي الغرائب وتكشف لنا الظروف مزيدا من الفضائح التي يتورط فيها أناس من العيارات الثقيلة والشخصيات الوازنة
فان كانت أعين الرقابة مازالت تتغافل وتتغاضى عن الظاهرة ولم تستطيع إلى حدود الساعة مد يدها إلى فتح هذه الملفات الحارقة التي تحول دونها واقيات ودروع سميكة قد تتزود هي الأخرى من طاقتها وتستمد المناعة من قوتها فان إقليم تاوريرت بصفة عامة وعاصمته بصفة خاصة ما يزال يعتبر منجما ذهبيا قل نظيره بل مخزونا للثروة قل مثيله قد لا يصل إليه إلا ذو حظ عظيم ومن حباه الله أو استطاع الحصول فيه على خلو الرجل بأي ثمن ليصبح بعد أيام معدودة من عداد الأثرياء المقربين والأعيان والوجهاء المتميزين ملاك الأرض ومالكي الأسهم في بورصات القيم وأصحاب رؤوس الأموال في ابناك الأمم وأرباب الشركات الصورية والوهمية في الداخل وفي الخارج أولائك من نجدهم اليوم كالأمس ودائما يتسارعون ويتدافعون نحو باب أي مسئول خلفا لمسئولا تلف قد يرون بيده الحل والعقد فيتمسحون به كالصليب ويستعينون ببطانته السيئة التي ستدفع به من حيث يدري أو لا يدري إلى مستنقع الرذيلة أين ستلتقط له عدسات الكاميرات الخفية صورا ثابتة سيحفظها التاريخ على ذاكرة المدينة
إلا أن يكون من المتعففين المعتصمين بحبل الله ومن المتقين الذين يؤمنون بان دوام الحال من المحال ومن المدركين أن كل مكتسب من حلال أو من حرام هو أيل إلى الزوال ولا يدوم إلا وجه ربهم ذو الإكرام والجلال هيهات يكونون كذلك إلا إذا داسوا على بطانتهم بأحذية من حديد أو يلقون بها إلى مزبلة التاريخ ثم هيهات يستطيعون التخلص منها إلا إذا كانوا ممن أراد الله بهم خيرا فوقاهم شر البطانة السيئة التي تدلهم دوما على الشر وتعينهم عليه وتجنبهم لقاء الأخيار وتبعدهم عنه ولكن كيفما كان الأمر سيبقى الأصل النقي بمثابة قطرة غيث صافية قد تنزل بالتربة الطيبة فتثمر الرحمة والبر والمعروف وبالتربة الخبيثة فتثمر الحقد والشر والانتقام