بقلم : الخضير قدوري
لا تستغربوا يا أبناء هذه المدينة إذا أتاكم شخص بنبأ كاذب ،يدعي انه رفع جبل 44 وطار دون أجنحة من أعلى قمته حتى استوى في الفضاء وحط على المدينة ، ولا تستغربوا إذا أتاكم الأخر مدعيا الفضل له في تحويل صبيب وادزا نحو تاوريرت لسقي سكانها وري مزارعها ،كما لا ينبغي أن تستغربوا إذا جاءكم فارس على كلخ يدعي انه مؤسسها أو فاتحها ومن أرسى قواعدها فجعلها مدينة ثم قال لها بإذنه كوني فكانت عاصمة إقليمها ،ولا تعجبوا من مكلخ قد يدعي انه هزم بنو هلال والزيانيين وحتى المرينيين على تخومها ، ثم جعل من امازيغيها وعربها قبائل وشعوبا من سلالات مختلفة فقال لهم عيثوا فيها فسادا وليس بينكم حدود فاصلة .وقد لا تستغربون إذا ظهر في أحيائها احد يدعي النبوة وحمل الرسالة يدعوكم إلى اعتناق مذهب جديد أو يأتي من أقصاها مدع انه المهدي المنتظر يتقدمه الحواريون ويتبعه المتشفعون ويسجد على قدميه المذنبون ، ناهيكم عمن يدعي الاختراع وابتكاره لأجهزة إنذار مبكر ومراصد ترصد حركات الإنس والجن وكل من حاول خطف الخطفة فترميه بشواض من نار لا تستغربوا من كل ذلك فمدينة تاوريرت عموما تبدو كأنها منتدى الخريجين من جامعة الغرائب ومجمع المتخرجين من كليات العجائب ومنجما يحتوي على خام المواد الأولية وسوقا يتوفر على طاقات استهلاكية من “المستكلخين” لهذه الخزعبلات في المدينة .
ثم لا تعجبوا من “كالخين ” فيها يقولون مالا يفعلون ،وهم يعلمون أنهم “مكلخين “ولكن لا يخجلون ، يكذبون على رؤوس الأشهاد ولا يخافون من التاريخ الواقف على رؤوسهم متكئا على عكازه الطويل ،أن يوجه إلى أفواههم لكمات تطيح بأسنانهم ،ويتبعها ركلا على مؤخراتهم .هؤلاء الذين يحبون التزوير في محاضر التاريخ ،ويتعمدون سرقة الوثائق من أرشيف ذاكرة المدينة ، ومنهم من يريدون أن يصنعوا لهم تماثيل من كلخ في مداخلها وينصبون لهم نصبا من رماد في ساحاتها ، ومنهم من يرغبون في أن يكونوا شهداء زور على عصر مازال رجاله على أقدامهم واقفين ،غير مبالين بلعنة الله على الكاذبين الذين يريدون تحويل مسار تاريخهم ، وإعادة خياطة لباس الغير على مقاسهم
لقد تعودنا ذلك من بعض الساسة وضعاف النفوس المتعطشين للشهرة المهووسين بعشق الرئاسة ، ومرضى القلوب المصابين بعدوى الأنانية الصماء ،وحب الذات العمياء ،المتعودين على ركوب أفكار المفكرين يرفعون صروح الكذب على قواعد صدقهم ،ويضربون على المنابر بمجمعات أصابعهم، مخرقين جدار الصوت بدوي ألسنتهم ، يقولون ما بدا لهم ويفعلون ما يشاءون وهم لا يخجلون ،ألا بئس ما يقولون ونعم ما لا يفعلون .كنا سندعهم يقولون ويقولون لأنهم لا يستحون، لولا خوفنا على التاريخ من صمتنا ونحن له منتصرون ، فإذا كان من طبع الأميين التشبه . بالقنابر التي تختفي وراء أعشاب الأرض ،حتى إذا خلا لها الجو فترفرف وتصفر، وبالببغاوات والقردة المقلدة للحركات والأصوات ،فلا مانع من انقيادهم لذلهم وانسياقهم بضعفهم حفاة عراة مجردين من مبادئهم وأخلاقهم إلى حيث تنكشف عوراتهم للشمس وتتجلى حقائقهم للواقع ، حينئذ قد لا يسترهم ستر الأوهام التي كانوا بها يستترون ،ولا تحجبهم مسوح ادعيائهم التي كانوا بها يتمسحون لكنهم لا يخجلون .إلى أي حد قد يكونون معذورين لجهلهم ،ولا احسبه يشفع لذنبهم أو يكفر عن سيئات أعمالهم
أما أن يأتي بهذه الفواحش رجال مثقفون ومفكرون ومبدعون في مستوى الأحداث فتلك إحدى مصائب دنيانا ،ولا أخالها إلا من فضائح أهل الثقافة والفكر والإبداع في زمان العولمة وخواتم المعرفة، باعتبار هذه الفواحش ما ظهر منها وما بطن في زمان أسلافهم وعبر تاريخهم عارا وخطايا لا تغتفر ، وقد صنفوها إلى سرقات أدبية وخيانات معرفية واحتيالات فكرية يجرم مرتكبها فيحال على المجالس التأديبية التي تجرده من ألقابها وتسحب منه الثقة في استعمال آلياتها ،حتى تجعله يتوارى عن الأنظار ويختفي عن الأبصار من سوء ما نعت به ، غير أن بعض هؤلاء الشرفاء في زماننا رغم قلتهم مازالوا في بعد عن هذه الترهات ومنأى من الفضائح ، ومن كل ما يأتي المتمثلون بهم أبرياء ، يحتسبون بظلهم في ركن ركين متكئين على أرائك صدقهم كالأمراء ، يستمتعون بالعاب السفهاء ، وحركات الأغبياء على مسرح الأشقياء
لقد جرني الحديث على سبيل المثال لا الحصر، مع حلول موسم الصيف واقتراب موعد مهرجان تاوريرت في نسخته 15 المتزامن مع عودة أفراد جاليتنا إلى وطنهم ،والذين كانوا موضوع تأسيسه في إطار جمعية تاوريرت للجالية بتاريخ 27 يوليوز1997 الممتد إلى غاية 3 غشت من نفس السنة ،بشراكة مع الجمعية الإقليمية للشئون الاجتماعية التابعة لمجلس العمالة آنذاك ،وبتنسيق مع المجلس البلدي . بالذكر والإشارة إلى بعض من يدعون كذبا وزورا وأفكا وبهتانا أنهم المؤسسون الأولون لهذه التظاهرة والمبدعون لفكرتها ،رغم أنهم ما كانوا إلا يستغلونها ماديا ومعنويا ويتاجرون بأسمائها ، والى يومنا هذا مازالت ملايين الدراهم تصرف في الهواء ، وتذر في الفضاء بأسماء ما أراد الله بها من فضل ولا سلطان لمسمياتها ،وهي اقرب ما تكون من الميوعة والابتذال إلى ابعد ما تكون من الفن والثقافة وقد افرغوا هذه التظاهرة من محتوياتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ،إلى أن صارت لعنة تلاحق مؤسسها أينما حل وارتحل ، وقد سبق أن وضحنا ذلك للرأي العام في المجتمع التاوريرتي مرارا حفاظا على الحقائق التاريخية باعتبارها وقفا ينظم إلى ممتلكات ذاكرة مدينتنا ، لا يريد من ورائها مبدعوها إلا أن تبقى من الباقيات الصالحات في سجل حسناتهم الأخروية ، فيسعدني بالمناسبة أن أهيب بكل المثقفين الحقيقيين،والباحثين الصادقين، والصحفيين النزيهين ،وبكل الشرفاء الصالحين ،والمنصفين العادلين إذا كان مازال لهم وجود في هذه المدينة ،وهم أدرى من غيرهم بشعابها واعرفوا الناس بأمثالهم واقدروا على تدبير شئونها ،وهم ليسوا بغافلين عن هذه الحقائق التاريخية خلال العشرية الثانية وما قبلها، منها ما هو محفوظ في أرشيف الإدارة المحلية يمكن الرجوع إليها ،ومنها ما هو مثبت كالوشم على أطراف هذه المدينة وما هو منقوش بحروف ذهبية على ذاكرة أهلها ، جدير بهم أن يغادروا مواقعهم ويخرجوا عن صمتهم أنهم مدعوون للتصدي بكل حزم وجرأة ونكران الذات لكل المتطاولين على الممتلكات الفكرية والإبداعية وتراثنا الثقافي حفاظا على هذا الإرث الذي هو ارثنا جميعا بعيدا عن كل الحزازات السياسية والسياسوية التي تحلل الحرام وتحرم الحلال فتربك الأجيال وتزيغ قاطرة التاريخ عن سكتها ،فنعلنها حربا ضارية على كل نزعة قبلية وتفرقة عنصرية ونية الإقصاء وكل السلوكيات المشينة التي تدوس على تاريخنا بحوافر حيوانية وتعظ عليه بأنياب كلبية مسعورة ، فأوجه نداءا خالصا ودعوة صادقة إلى ذوي النوايا الحسنة وكل فعاليات هذه المدينة شبابا وشيبا رجالا ونساء إذا كانت دماء الغيرة لم تتخثر في عروقهم وحرارة الأنفة لم تتجمد في أجسادهم ومازال تيار الحياة يسري في أطرافهم أن يسارعوا إلى إنقاذ تراث أمجادهم بالتفكير في تعيين لجنة تحضيرية لتأسيس جمعية أو جبهة تعمل من اجل المحافظة على ذاكرة المدينة ،والدفاع عن ممتلكاتها الفكرية والإبداعية والثقافية وتراثها التاريخي ،وحفظها من كل تزييف وتجنبها من كل تحريف، وتحصينها من عبث الأيد القذرة وسنكون بذلك قد أدينا خدمة جليلة لمجتمعنا ومدينتنا التي نتمنى مخلصين أن تحتل المكانة المرموقة لها واللائقة بمقامنا الجليل من مراسيم التعظيم والتبجيل ، في مجلس إدارة الجهة المتقدمة التي سيعود الفضل في ذلك للنخب الفاعلة من أبنائنا وبناتنا وشبابنا ونتمنى أن تتحقق هذه الأمنية حينا أو بعد حين على أيد خلف صالح لسلف أصلح، فيتم تفعيلها على ارض واقعنا حتى ينعكس إشعاعها على أجيالنا القادمة ،فما الفعل إلا كلمة قد يموت قائلها وتبقى لوارثها فان لم يحافظ عليها سيختطفها خاطف ويسرقها إذاك سيبكي عليها كما يقال بكاء النساء على ارث لم يحافظ عليه كالرجال
أليس في مثل هذا يجب أن يتنافس المتنافسون وعلى مثله ينبغي أن يتبارى المتبارون بعيدا عن الأنانية المتخلفة والذاتية الهمجية والعصبية الجاهلية ؟ نتمنى مخلصين أن تعود مدينتنا إلى سابق عهدها حينما كانت جنينه يحوم النحل حولها ،ولا نتمنى أن تبقى كحاوية أزبال يتجمع الذباب عليها ،وإنها لمقولة إن لم تجد لها أذانا مصغية حاليا ، سيردد صداها التاريخ لاحقا ،وان لم تسمح الظروف بتفعيلها حينا ، سيفعلها الزمان بعد حين . وما أريد بهذا إلا إصلاح ما استطعت اللهم فا شهد أني قد بلغت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلخ / نبتة هشة تشبه القصب / من أمثالنا الشعبية ما قيل فيها ” إذا رأيت أحدا يركب على الكلخ فقل له مبروك الفرس
Rahna m3ak à si kadouri nta bda wahna nkamlo…mofid jiddan bach tkon 3andna jam3ia ta3na bidakirat almadina..mobadara mowafa9a.
انا اوافق التعليق السابق الرأي