بقلم : الخضير قدوري
بدأت بعض فروع الأحزاب التي تتمتع باستقلالها الذاتي الاقتصادي والسياسي تتحرك وفق إستراتجية سياسية محكمة ودقيقة للغاية ، في حين أصبح تحرك بعضها الأخر وفق المتعارف عليه تقليديا غير مجد في الوقت الراهن ،لاشك في أن المخطط الجديد الذي يعتزمه مرشحوا احد هذه الأحزاب سيكون مهما ويخلق المفاجأة ،رغم استطلاعات الرأي المتكهنة بعزوف مهم قد يؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة .
إلا أن استعمال المال وشراء الذمم مازال واردا بقوة لضمان سد النقص الحاصل وحفظ ماء الوجه لديمقراطية هشة ،رغم التخوف والتخويف من تأثير الحملات المضادة على المصوتين بالمقابل ،ورغم العهود والوعود شبه المؤكدة والرهانات المقبوضة مثل الشيكات الموقعة على بياض وغيرها ،لكن السياسة كانت ومازالت وستبقى دائما عديمة الأخلاق كما هم السياسيون متحولون ومترددون لا يستقرون على رأي ولا يدومون على حال أو يقتنعون ببرنامج لا يخدم مصالحهم الخاصة نتيجة ذلك فهم قلما يلتزمون بالعهود والوعود التي أفقدتهم ثقة الناخبين .
هي الحصيلة التي جعلت رجال السياسة في هده المدينة يفقدون ثقتهم حتى في أمثالهم واقرب الناس إليهم ،ممن لم تعد تحكمهم العهود الكاذبة أو تقيدهم الوعود العرقوبية أو تربطهم أواصر الصداقة المزيفة والملح والطعام ، ما جعل معظمهم هذه الأيام يعيشون على أعصاب متشنجة خاصة الذين لم يحتملوا مرارة الفطام بعد تذوقهم لحلاوة الرضاع وقد اشتد بهم الم الحمى بعد أن جسوا نبض الشارع أثناء خوضهم حملة شبه استطلاعية ومشاركتهم في عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية كخطوة أولية خيبت آمالهم في استقطاب الشباب واحتواء تنظيماتهم وجمع شتاتهم .
في حين يتوجه بعضهم الأخر نحو العنصر النسوي ،فيركزون عليه كبنية أساسية يجب تاطيرها في إطارات جمعوية تشتغل بخلفية سياسية ،تعمل على اختراق المجتمع النسوي الذي أصبح يشكل نسبة تفوق 52 بالمائة من ساكنة المدينة ،باعتبارها قاعدة انتخابية غير منتمية لا يستهان بها ،فهي على فطرتها سهلة الإقناع ايدولوجيا ،والاحتواء سياسيا ،والاستيعاب انتخابيا والانقياد ماديا .
في خضم هذه الأجواء المشحونة والغير مستقرة التي تخيم على الوضع السياسي في مدينة طالما تنام نهارها وتسهر ليلها في مثل هذه المناسبات كمدينة تاوريرت التي بات الاعتماد على المال وحده غير كاف حيث أصبح الاعتماد فيها على العنصر النسوي أثناء الانتخابات المقبلة أيضا ضروريا ومهما أكثر من أي وقت مضى في أجندة كل الأطراف بما فيها الحريصة على ضمان نسبة مشاركة محترمة ،والراغبة في حصد مزيد من الأصوات لفائدة مرشحيها الذين يملكون الوسيلة للوصول إلى هذا العنصر واقتحامه في مواقعه ،وليس غير الجمعيات النسوية والنشيطات في المجالات التجارية والمهنية “كالشغيلات في وحدات صناعة الزيتون، والطيابات في الحمامات العمومية ،وصاحبات محلات الحلاقة ،والخياطات” وغيرهن ممن تربطهن علاقات بالمرأة والمجال النسوي عموما وهن أجدر للقيام بهذه المهمة أكثر من غيرهن ولا محالة سيكون لهن الدور الفعال في هذه المعركة ،وسوف لن تكون المراهنة عليهن عبثية، ولكن ليس بالمجان وبدون مقابل .
فهل ستعي المرأة أية امرأة بصفة خاصة والمجتمع النسوي بصفة عامة هذه الحقيقة ؟، وان كان الوضع الراهن يحتم عليهن اقتحام الميدان السياسي دون وصاية ، كما فرضت عليهن ظروف الحاجة من قبل تسجيل حضورهن بكثافة في الميدان الاجتماعي دون سند ، وليعلمن انه قد أتي عليهن الدور ليصبحن منتخبات جديرات بتدبير الشأن العام والمحلي الذي بات تحوم حوله شبهات مقرفة ، كما هن مسئولات قد ابلين البلاء الحسن في كل مرفق ، ورئيسات اثبتن جدارتهن في التسيير الإداري ،كما هن مثقفات ، وطبيبات ،وعالمات ،ومفكرات ، وموظفات وربات بيوت موفقات ومربيات أجيال ناجحات ، في هذه الحالة لا يرى ما يمنعهن ألا تكونن كما ينبغي لهن في بلد يهدف إلى ديمقراطية حقيقية ،ويؤسس لعدالة اجتماعية واعدة ويبحث عن بديل في ظل الفشل الذريع الذي أبانت عنه الحكومات السابقة واللاحقة على حد سواء وما نجم عنه من إحباط وخيبة أمل قد مني بها هذا البلد الذي جعلته يعاني في كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية . فالنساء قادمات والرجال إلى الحريم .