بقلم : جمال يجو
اعتبر جل القراء و المستمعين المغاربة حسب مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد الإلكترونية و بالتعليقات المصاحبة أن ما تغنيه
“هند الحنوني” ، الملقبة بزينة الداودية لا يمثل سوى كلاما ساقطا لأن مثل هذه الأغاني تستعمل عن قصد كلمات فيها من الفحش والمس بالذوق العام ما يثير الاشمئزاز ،مما يجعلها أغنية مرفوضة في مجتمع يستميت في التشبث بالأخلاق الحميدة التي تحاول مثل هذه الأغاني و غيرها من الإنتاجات والتوجهات و الأفكار تدميرها .
إنها تشجع على التحرش والفساد والإثارة و التفسخ الاجتماعي والعقدي ،وقد تقدم مجموعة من المواطنين بعريضة تظلمية وشكاية رسمية ،أمام محكمة الدار البيضاء للنظر في أمر هذه الأغنية .
وبعد انتقاد مغني الراب المعتزل الشيخ سار، كلمات الداودية، قال الشيخ الفيزازي في تدوينة نشرها عبر حسابه الفيسبوكي إن “أغنية أعطيني صاكي موغلة في التفاهة والانحلال الخلقي”.
وردا على الداودية التي علقت على هجومه عليها عبرإحدى الإذاعات بقولها إن أي عالم دين حقيقي لا يمكنه سماع تلك الأغنية، قال الفيزازي “هذا صحيح وهو اعتراف ضمني منها أن أغنيتها ساقطة لا تصلح أن يسمعها الفقهاء”.
ووجه الشيخ السلفي في ختام تدوينته رسالة للداودية قال لها في مضمونها “يوم تطلبين مني نصحا أو توجيها أو علما ستجدينني حنونا عطوفا ومشفقا عليك كما لو كنت أباك أو أخاك الأكبر…لو تعلمين. وأخيرا أسأل الله تعالى أن يهدي الجميع”.
كيف يقبل بإذاعة كلمات سوقية ساقطة تقول :”عطني صاكي، باغا نماكي، باش نبان زوينة، شعر زعر والعكر حمر، وحالفة نوض روينة…مبلية و صغيرة..”؟؟، فالمسؤولون عن السمعي البصري بالمغرب قد يطبعون بعد نشر مثل هاته التسجيلات وما قد ينافسها مستقبلا مع الانحلال الخلقي و التمييع القيمي لمجتمع محافظ مسلم.
المطرب الصنهاجي رد على الأغنية المبتذلة بمقطع ” بكاني حالك يا لبنية سهير الليل ما جاش معاك كنت في دارك محضية أوليوم تزاح ما حد بغاك ..”
يونس بنسليمان المحامي والبرلماني عن العدالة والتنمية رفع دعوتين قضائيتين بمكان إقامة المطربة بالبيضاء و مراكش .
و قال المحامي في تفسير سبب الدعوى : “نحن نؤمن بحرية التعبير، لكن عندما يتعلق الأمر بمنتوج معروض للجمهور، هنا يجب التدخل، كما تتدخل جمعية حماية المستهلك لحماية المواطنين عندما يتعلق الأمر بمنتوج غذائي فاسد معروض في السوق. التقيت الكثير من الأشخاص، وخاصة النساء اللواتي عبرن عن انزعاجهن من كلمات الأغنية، باعتبارها تحصر المرأة في مساحيق التجميل، وتحرض على البغاء والدعارة. الفن من أهدافه الرقي بالمجتمع، والتعبير عن رسالة نبيلة، ومراعاة الذوق العام وليس العكس”
لايمكن أن نكون أجيالا سوية تعشق قيم التربية و الأخلاق من خلال وعي جماعي متآلف، إذا انتصر هذا التطبيع النوعي مع الانحلال الخلقي، و الدعوة الفاضحة للتفسخ و الحرية التامة للأنثى لكي تثير الفتن بين الرجال ، الذين يطلبون أرقام هاتف هاته المطربة، كما جاء في تعابيرها.
نفس الإسقاط نقوله عن حالات الترويج و حماية الدعاة للتخنيث و المثلية و أكل رمضان جهرا و ترويج المخدرات و تقنينها…بدعاوي مبتذلة منها دعاوي حقوق الإنسان ، التي تقوم بنفسها على هضم حقوق أغلب الأفراد ، في مجتمع محافظ على حقوقه المكتسبة، شرعا و عرفا و قانونا و إنسانية.
إن حماية الأمن العام تنطلق من هنا ، من هاته التواصلات الشعبية ، التي تطلق العنان لتربية عرجاء مريضة ، تعمم على الحالات العادية السوية، فتخرجها من حالة السوي الناقد لحالة المنهزم المنقاد المقلد.
و تشبه نتائج هذا الانزياح الإعلامي ما يبثه برنامج مسرح الجريمة مثلا ، الذي في حقيقته يعلم ضعاف النفوس الطرق القريبة والسهلة للتخلص من مشاكل وصعوبات اجتماعية عادية ، حيث يقلدون ثم يلجأون للجريمة التي تقدم لهم في طبق شهي من إعلامنا ، الذي لا يجب أن يبقى خارج المراقبة.
هي أغنية قد تكون بسيطة، لكنها قد تنعرج لتصبح موديلا و تقليعة ، يتنافس فيها المتنافسون ، نتيجة الإذاعة و الإشهار ، فكما لا يمكننا قبول التغني بداعش و غيرها من بؤر تولد أفكار التطرف و العنف ، كذلك لن نسمح بأن يغزو التهتك القيمي و الأخلاقي قنوات تواصل أبنائنا مستقبلا، ما قد يولد فلتانا قيميا يحول مجتمعاتنا لقرى متعفنة ، قد تلد مستقبلا متنفسات عقدية مثل داعش نفسها ، و يدل على هذا كثرة المجندين من بلاد التهتك القيمي نفسها.
إن دولا أوربية حداثية تحافظ على محافظة إعلامها ، وإنتاجها الفني الجماعي، ولعل دولة إمارة المؤمنين ينبغي أن تكون رمزا ومثالا للحفاظ على تقاليد الأجداد، و قيم الحضارة الثابتة ،و بما أنها انتصرت على كل أفكار التطرف الممنهج ، فعليها أن تصد كل أفكار الميوعة والانحلال ، و ألا تقبل بالتطبيع كيفما كان نوعه، فما ترك بعضه يترك جله أو كله.