بقلم: عزالدين  قدوري 

 في مدينة تاوريرت، تتواصل المعارض والفعاليات الثقافية بين آلاف الأقواس بوتيرة متسارعة، في مشهد قد يبدو إيجابيا على السطح، لكنه يخفي وراءه مفارقات صارخة. من بين هذه المفارقات، يبقى ملف قرية الصناع التقليديين ، التي تم تدشينها سنة 2013، مغلقا منذ ذلك الحين دون أي استغلال حتى خلال معارض الصناعة التقليدية نفسها. فكيف يمكن الحديث عن دعم الحرفيين في ظل غلق فضاء مخصص لهذا الغرض؟ ولماذا يتم التركيز على الفعاليات المؤقتة بدل تفعيل المرافق الموجودة؟
أم أن قرية الصناع التقليديين .. مشروع ولد ليهمل؟
فعند تدشينها سنة 2013، كان يفترض أن تشكل قرية الصناع التقليديين نقطة محورية لدعم الحرفيين المحليين، وتوفير فضاء دائم لعرض وتسويق منتجاتهم، والمساهمة في النهوض بالصناعة التقليدية كقطاع اقتصادي واعد. إلا أن الواقع كشف عن غياب رؤية واضحة لاستغلال و تسيير هذا المشروع، ليبقى مغلقًا لسنوات دون أي مبرر واضح، بينما يتم اللجوء إلى حلول مؤقتة عند تنظيم معارض الصناعة التقليدية.
فلماذا لم يتم تشغيل هذه المنشأة رغم الحاجة الملحة إليها؟ هل يعكس الأمر غياب الإرادة الحقيقية لدى مسيري الشأن المحلي للنهوض بالقطاع، أم أن سوء التدبير يعيق الاستفادة منها؟
في الوقت الذي تتوالى فيه معارض الصناعة التقليدية وغيرها من الفعاليات في تاوريرت، تبقى الأولويات الأساسية للمدينة دون حلول ملموسة. بنية تحتية متهالكة، ارتفاع في نسبة البطالة، غياب وسائل النقل الحضري، و تفاقم المشاكل الاجتماعية. كلها قضايا تفرض نفسها بقوة، لكن يبدو أن التركيز ينصب أكثر على تنظيم الفعاليات بدل العمل على تنمية مستدامة.
الأسئلة المطروحة هنا هي:
– هل تنظم هذه المعارض في إطار رؤية متكاملة لتنمية القطاع الحرفي، أم أنها مجرد أنشطة موسمية بلا أثر فعلي؟
– إذا كانت قرية الصناع التقليديين غير مستغلة حتى في هذه المناسبات، فكيف يمكن أن نصدق أن هناك دعما حقيقيا للصناعة التقليدية في تاوريرت؟
إن إغلاق قرية الصناع التقليديين منذ أكثر من عقد هو نموذج واضح لسوء تدبير المشاريع التنموية في المدينة. فبدل البحث عن موارد جديدة أو إنشاء فضاءات إضافية، كان من الأجدر العمل على تفعيل واستغلال ما هو موجود أصلا.. لو تم تشغيل هذا الفضاء وفق إستراتيجية واضحة، لكان اليوم مركزا نشطا للحرفيين، يقدم لهم الدعم والتكوين، و يوفر فرص عمل حقيقية للشباب العاطل عن العمل.
إن الاستمرار في تنظيم الفعاليات والمعارض دون استغلال المرافق المتاحة يعكس اختلالا في ترتيب الأولويات وسوء تدبير واضحا للشأن المحلي. فإلى متى ستظل قرية الصناع التقليديين مغلقة؟ ومتى ستنتقل تاوريرت من مرحلة الفعاليات المؤقتة إلى مشاريع تنموية حقيقية تخدم ساكنتها؟