بقلم : عزالدين قدوري

 رغم كثرة المعارض التي تنظم في مدينة تاوريرت، والتي كان يفترض أن تشكل رافعة اقتصادية وتنموية للمدينة، إلا أن واقع الحال يؤكد أن هذه الفعاليات لم تحقق أي إضافة ملموسة، سواء للصانع التقليدي أو للاقتصاد المحلي بشكل عام. فالمشاكل التي كانت تعاني منها المدينة قبل سنوات لا تزال قائمة، بل تفاقمت في بعض الجوانب، مما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه المعارض وأولويات التنمية في المنطقة.
لا احد ينكر اعتبار قطاع الصناعة التقليدية واحدا من أبرز القطاعات التي يفترض أن تستفيد من هذه المعارض، لكن المفارقة الصادمة هي أن الصانع التقليدي في تاوريرت لا يزال يعاني من نفس المشاكل التي كان يواجهها قبل سنوات:
– غياب الدعم الحقيقي : رغم الوعود المتكررة، إلا أن الحرفيين لا يحصلون على أي دعم ملموس يساعدهم على تطوير منتجاتهم أو تسويقها بشكل أوسع.
– ضعف البنية التحتية والمرافق: حيث أن قرية الصناع التقليديين، التي كان من المفترض أن تكون فضاء لعرض و تسويق المنتجات الحرفية، لا تزال مغلقة منذ تدشينها سنة 2013، مما يعكس غياب الإرادة الحقيقية لدعم هذا القطاع.
– غياب فرص التسويق: اذ ان معظم الصناع التقليديين يعتمدون على إمكانياتهم الذاتية لتسويق منتجاتهم، في ظل غياب سياسات واضحة لدعم هذا القطاع وفتح أسواق جديدة أمامه.
و لا تقتصر المشاكل على قطاع الصناعة التقليدية فقط، بل تشمل مختلف جوانب الحياة في المدينة، حيث لا تزال تاوريرت تواجه تحديات تنموية حقيقية، من بينها:
– غياب رؤية واضحة للتنمية : فما تحتاجه تاوريرت ليس فقط معارض تقام ثم تطوى صفحاتها بعد أيام، بل مشاريع تنموية حقيقية تحسن من واقع السكان وتوفر حلولا مستدامة للمشاكل القائمة.
– تدهور البنية التحتية: المتمثلة في شوارع المدينة التي لا تزال تعاني من الحفر، وضعف شبكة الصرف الصحي، وغياب المساحات الخضراء والتجهيزات الضرورية.
– ضعف الخدمات الصحية : حيث ان المستشفى المحلي يفتقر إلى التجهيزات الضرورية، مما يجعل العديد من المرضى يضطرون إلى السفر إلى مدن أخرى للعلاج.
– انتشار البطالة : رغم الحديث عن تحفيز الاقتصاد المحلي، إلا أن فرص الشغل لا تزال محدودة، مما يدفع العديد من الشباب إلى الهجرة بحثا عن فرص أفضل.
– –    هل المعارض مجرد استعراض بلا فائدة؟
عندما تنظم معارض متتالية دون أن يكون لها أي أثر ملموس على حياة المواطنين، فإنها تتحول إلى مجرد “مناسبات شكلية” لا تخدم التنمية الحقيقية. فإذا كانت هذه الفعاليات لا تسهم في فتح آفاق جديدة للصناع التقليديين، ولا توفر حلولا لمشاكل البطالة، ولا تحسن البنية التحتية، فما الجدوى منها إذن؟
ان من حق تاوريرت أن تستفيد من مشاريع تنموية حقيقية، وليس فقط من تكرار المعارض التي لا تترك أثرا. فالتنمية لا تقاس بعدد الفعاليات المنظمة، بل بمدى تأثيرها على حياة المواطنين. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج المدينة إلى سياسات جديدة تركز على معالجة المشاكل الأساسية، ودعم القطاعات المنتجة بشكل فعلي، بدل الاكتفاء بتنظيم معارض تستهلك الميزانيات دون أن تحقق أي فائدة تذكر.