بقلم : عزالدين قدوري
مدينة تاوريرت، التي لطالما كانت تعرف بتاريخها الثقافي الغني و طبيعتها الساحرة، أصبحت اليوم في مفترق الطرق. في الوقت الذي تتسابق فيه المبادرات لتنظيم معارض تجارية و فنية متتالية بين آلاف الأقواس، يظل العديد من سكان المدينة يواجهون تحديات يومية تؤثر بشكل مباشر على نوعية حياتهم. من المشاكل الهيكلية إلى قضايا الصحة والبطالة، تصبح التساؤلات ملحة حول كيفية إدارة الشؤون المحلية: هل يتم تخصيص الموارد بشكل صحيح؟ وهل تحظى الأولويات الأساسية بالاهتمام اللازم؟
مؤخرا، شهدت مدينة تاوريرت تنظيم العديد من المعارض التي تحظى بدعم من بعض الجهات. لكن في الوقت ذاته، لا تزال المدينة تعاني من مشاكل هيكلية مزمنة، مثل تدهور البنية التحتية، انتشار الباعة الجائلين في الشوارع، وتزايد مشكلات الصحة العامة. كما أن البطالة تواصل ارتفاعها، مما يعكس أزمة اقتصادية واجتماعية مستفحلة.
هذا التباين بين تنظيم المعارض المتسلسل وبين الإغفال المستمر للاحتياجات الأساسية يطرح تساؤلات مشروعة حول أولويات المسئولين المحليين. هل تشكل هذه الفعاليات جزءا من محاولة لتحسين صورة المدينة على حساب معالجة مشاكل الناس اليومية؟ أم أن الوضع هو مجرد غياب للتخطيط الاستراتيجي المستدام؟
ان الحديث عن معارض متنوعة يثير الدهشة عندما ينظر المرء إلى حالة البنية التحتية في المدينة. الطرق غير المعبدة، نقص الإنارة في العديد من الأحياء، والغياب التام لحافلات النقل الحضري، هي بعض من المشاهد اليومية التي يواجهها المواطنون. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال مشكلات الصحة العامة تلقي بظلالها على حياة المواطنين، وسط غياب الدعم الكافي للمرافق الصحية وارتفاع عدد المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة.
في هذا المقال أنا لا اقلل من أهمية المعارض على اختلاف ألوانها في مدينة مثل تاوريرت، خصوصا إذا تم تنظيمها بشكل صحيح يخدم مصلحة المدينة. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
– هل تعتبر فعلا هذه المعارض محرك اقتصادي حقيقي يعزز من التنمية المحلية؟ أم أنها مجرد رواية تكتب لتحسين صورة المدينة في أعين الزوار و الساكنة؟
إن الحديث عن المعارض على اختلاف أنواعها في تاوريرت يجب أن يرتبط حتما برؤية عامة تشمل تحسين الخدمات الأساسية، توفير فرص عمل حقيقية، وتوفير بنية تحتية ملائمة. إن البقاء في دائرة الفعاليات المؤقتة دون التركيز على حل المشكلات الهيكلية الأساسية لن يؤدي إلا إلى استمرار التهميش وإهدار الفرص. على المسئولين في المدينة أن يعوا جيدا أن استثمار الوقت والموارد في هذه المعارض يجب أن يكون جزءا من خطة تنموية شاملة، تكون فيها المدينة بأكملها، بجميع جوانبها، في قلب الاهتمام.
في نهاية المطاف، يبدو أن مدينة تاوريرت بحاجة إلى إعادة تقييم حقيقية لأولوياتها، حيث يجب أن توازن بين الحاجة إلى تطوير هذه المعارض وبين تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.