بقلم : عزالدين قدوري 

 تعرف مدينة تاوريرت في السنوات الأخيرة بكونها “مدينة المعارض”، نظرا لكثرة الفعاليات التجارية والثقافية إن صحت تسميتها بهذا الاسم بين آلاف الأقواس ، تلك المعارض التي تنظم فيها بشكل متسلسل. ورغم أنها قد تبدو فرصة لدعم الاقتصاد المحلي كما يقولون، إلا أنها تطرح تساؤلات جدية حول أولويات التنمية في المدينة، خاصة في ظل المشاكل العديدة التي لا تزال تعاني منها.
لا يمكن إنكار أن تنظيم المعارض التجارية والفنية يمكن أن يكون له أثر إيجابي على المدينة، خاصة إذا تم استغلاله بالشكل الصحيح لجذب الاستثمارات، و تنشيط الحركة التجارية، وتعزيز السياحة المحلية. فمثل هذه الفعاليات توفر فرصا لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما تعرف بمنتجات المنطقة وتراثها الثقافي والاقتصادي و هذا الامتياز لم تستفيد منه نسبة عريضة من الفنانين و الصناع التقليديين و الحرفيين المحليين مقارنة مع الوافدين .
لكن في المقابل، يطرح سؤال جوهري:
– هل تحتاج تاوريرت إلى هذا العدد الكبير من المعارض في ظل معاناتها من مشاكل بنيوية عميقة؟
فرغم الحركية التي قد تخلقها المعارض، إلا أن ذلك لا يغطي على المشاكل الأساسية التي تعيشها المدينة، والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان. ومن أبرز هذه المشاكل:
– البنية التحتية المتدهورة : حيث تعاني العديد من الأحياء من طرق مهترئة، وضعف في شبكة الصرف الصحي، مما يجعل التنقل صعبا ويؤثر على جودة الحياة.
– ضعف الخدمات الصحية : المتمثل في نقص الأطر الطبية والتجهيزات الصحية التي تشكل معضلة كبيرة، حيث يضطر العديد من المرضى إلى التنقل إلى مدن أخرى من أجل العلاج.
– غياب فرص الشغل : إذ أن البطالة تعد من أكبر التحديات التي تواجه شباب تاوريرت، حيث يفتقر السوق المحلي إلى مشاريع استثمارية توفر فرص عمل دائمة.
فهل تساهم المعارض في حل هذه المشاكل؟
في حال كانت هذه المعارض تدر مداخيل مالية مهمة على المدينة وتستخدم هذه المداخيل في مشاريع تنموية، فقد يكون لها فائدة حقيقية. لكن إن كانت مجرد أحداث شكلية لا تعود بالنفع على السكان، فإنها تتحول إلى نوع من “التلميع الإعلامي” الذي لا يغير الواقع.
فإذا نظرنا من زاوية الأولويات .. ما الذي تحتاجه تاوريرت حقًا؟
من المنطقي أن يكون التركيز في تاوريرت على تحسين الخدمات الأساسية قبل التفكير في تنظيم الفعاليات المتكررة. فالتنمية الحقيقية تقوم على وضع سياسات اقتصادية واجتماعية مستدامة، تهدف إلى تحسين البنية التحتية، تطوير الخدمات الصحية والتعليمية، وتشجيع الاستثمار المنتج.
في نهاية المطاف، لا أحد يعارض فكرة تنظيم المعارض إذا كانت تحقق فوائد ملموسة للمدينة وسكانها. لكن ينبغي على المسؤولين إعادة النظر في ترتيب الأولويات، والعمل على معالجة المشاكل الجوهرية التي تعيق تنمية تاوريرت. فالتنمية ليست مجرد مظاهر احتفالية، بل هي مشاريع حقيقية تحسن من مستوى عيش المواطن وتخلق له فرصًا أفضل.
واليك أخي القارئ
– أنت ما رأيك؟ هل ترى أن هذه المعارض لها تأثير إيجابي، أم أنها مجرد استعراض لا يخدم مصالح السكان؟