بقلم : الخضير قدوري
على اثر الاعتداء الذي تعرض له مواطنون مغاربة من طرف احد حراس الحدود الجزائريين الذي أطلق عليهم الرصاص وهم على تراب وطنهم أودى بإصابة احدهم بعيار ناري وقد أدى الأمر بحكومة المغرب إلى استدعاء السفارة الجزائرية التي نفت وفندت الاتهام الذي اعتبرته استفزازا لها من طرف حكومة المغرب .
لكن ما تناقلته وسائل إعلامنا الرسمي غير ذلك فهو يعكس حدة غضب حكومتنا الموقرة المعبرة عنه باحتجاج شديد اللهجة لوزيرنا في الخارجية لدى المنتظم الدولي وتهديد وزيرنا في الداخلية بالرد على الحادث بالمثل فيما بقي الرد الجزائري الرسمي مصرا على نفيه لادعاءات المغرب كما تقول باعتبارها مجرد استفزازات قد تسيء إلى العلاقة الأخوية بين الشعبين الشقيقين ـ رأي حكومة و رأي حكومة أخرى – وقد بقي الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الرأي الثالث لكل المحللين السياسيين والمثقفين والاقتصاديين والاجتماعيين في الجهتين ومن ثم سكان المنطقة المجاورين على الخصوص وحدهم من يملكون كل الحلول .
وفي ظل هذه التصريحات والتصريحات المضادة والتراشق الإعلامي جعلت الحادث يلفه نوع من الغموض والملابسات فإذا كان أصل الحريق شرارة فقد اندلع الحريق وان كانت بداية الحرب كلمة فقد انطلق الرصاص فماذا يعني وزيرنا بالرد على الحادث بالمثل ودعوته في نفس الوقت إلى حوار بيني مع حكومة الجزائر التي تنفي بشكل قاطع ما حدث على يد عسكري جزائري باعتباره مجرد استفزاز سياسي قد يسيء إلى قواعد حسن الجوار والى العلاقة الأخوية بين الشعبين الشقيقين إن دل ذلك على شيء إنما يدل على أن الشعبين وحدهما من يؤديان الثمن ومن باستطاعتهما رفض كل العروض السياسوية والانتخابوية التي تعتمد مبدأ فرق تسود .
وقياسا بالوازع الديني والعربي والأخوي وفي ظل الأواصر التي تجمع الشعبان وهي أكثر مما يفرقهما قد يصبح ما قام به هذا الجندي سواء بأمر مسئوليه أو من تلقاء نفسه أو غيرهم يبقى عملا منافيا لكل هذه الأعراف ويندرج في أعمال أناس يستبيحون دماءهم وينكرون ما أوصى به الله ولا نقول بكفرهم وكيفما كان الحال فالمصيبة رصاصة من بندقية أطلقها إنسان عربي مسلم على إنسان عربي مسلم قبل أن يكون إرهابيا أو جنديا مأمورا أو عميلا مأجورا للوازع السياسوي .
وفي ظل هذه الأوضاع التي تستنفر الشعبان وتجعلهم يعيشون على أعصابهم في الجهتين المواليتين للشريط الحدودي في حالة لا حرب ولا سلم حيث تقطع بينهم صلات التواصل وفي ظل الفشل السياسي للحكومتين وعجزهما على حل المشكل القائم أصبح على هذين الشعبين ممارسة حقهما في تحقيق إرادتهما التي لا تقهر من اجل محو اثأر الاستعمار الذي ظل منذ أكثر من نصف قرن ينعتهم أي الشعبان بزوج أبغال فان ما يحدث اليوم مازال يكرس هذا الوصف الحيواني للإنسان وان ما قام به هذا المخلوق لم يقم به نظيره على الحدود الاسرائلية اللبنانية أو السورية أو المصرية ولا مثلهما على الحدود الفاصلة بين دول العالم إلا أن تكون هذه المخلوقات معادية للإنسانية تعيش وراء أسلاك شائكة لا يختلف حالها عن أحوال حيوانات ضارية .
فان كان السبب قديما يعود إلى انعدام وسائل الاتصال والتواصل بين هذين الشعبين طوال هذه المدة التي تغذيها المصالح السياسوية والمادية الانتهازية أحيانا فان زمان العولمة والانترنيت قد أصبح يلغي كل هذه الانقطاعات ويفرض بقوة تواصل الشعوب ونبذ الكراهية التي تعمق الهوة بينها ليستغلها السياسيون من اجل التربع على الكراسي والاستيلاء على المال العام وإصدار الفتنة الداخلية لإلهائها عن التفكير والانشغال بما يحدث على أبواب منازلهم وعلى كل ما يتعلق بالأوضاع المزرية وغلاء المعيشة والحياة المتدهورة التي يعانونها دون غيرهم .
وإذا كانت بعض الشعوب العربية قد فطنت عندما ثارت ضد الاستبداد والقهر والاستغلال فقد أصبح من الواجب على الشعب المغربي والجزائري كسر هذه القيود ورفع هذه الحواجز وإلغاء هذه الحدود ومن ثم بناء صرح مكان صرح مكتوب عليه للتاريخ هنا التقى الرجال بدلا من هنا افترق البغال
وسأقول للشعب الجزائري والمغربي وبخاصة المتاخمين للشريط الحدودي هل بإمكانهما أن يفعلا فيبرهنا لبعضهما على حبهما وعلى أخوتهما بعزمهما على صنع التاريخ رغما عن انف السياسين المتاجرين بمعاناتهما فهل كانا فاعلين من اجل مستقبل أفضل وهما أحوج ما يكونان في الوقت الراهن إلى بعضهما والى تكتلهما وتكاملهما حتى يكونان في مستوى الشعوب الراقية في العالم نظرا لكون ما يجمعهما هو أكثر مما يفرقهما ام كانا سيرضيان بكونهما بغالا وسنبقى بغالا إلى أن يأتي قوم يحملون علينا أثقالهم وهم في الطريق إلينا
أقول هذه الكلمة وأرجو أن لا أكون قد خالفت بها قوله تعالى “… واعظك أن تكون من الجاهلين ” هود الآية 46