بقلم : الخضير قدوري
أول مجلة نصف شهرية تأسست بمدينة تاوريرت في ظروف صعبة سنة 1984 المحسوبة من سنوات الجمر والرصاص وفي عز نهضة ثقافية قل نظيرها تصدرتها جمعية الأمل يومئذ كأول جمعية ثقافية استطاعت أن تستقطب فعالياتها وتخلق مجتمعا راقيا وتحدث فيه تغييرا جذريا يدوس على كثير من العقائد السياسية والاجتماعية الباليةوقد جاءت هذه المجلة لتدعم هذه النهضة لكن باليات متواضعة وأقلام محتشمة الشيء الذي جعلها لم تصمد في وجه هذه المضايقات والهجومات الشرسة للسلطات الأمنية
وقد كان طاقم هذه الجريدة يتكون من ثلاثة أشخاص يهتمون في كتاباتهم بالشأن المحلي عندما كان الخوض في السياسة والسياسيين خطا احمر قد يعرض الخائض الى استفسارات بوليسية ومساءلات سلطوية تدون بأسلوب ناري على سجلاته الجهنمية
بمجرد إصدار العدد الأول والثاني أصدرت بصدوره تعليمات صارمة وأوامر سرية لبعض المكتبات بعدم عرضها هذه المجلة للبيع حيث كان بعضها يستجيب للأمر بامتناعها من العرض باستثناء مكتبة واحدة كانت تتولى بيعها في الخفاء وبالتالي التحقت هي الأخرى بركب الخاضعات ولما اشتد على مجلتنا الخناق اخترنا طريقا أخر لتوزيعها على بعض المحلات التجارية التي كانت تتولى بيعها سرا وتحت الطلب لبعض قرائها الذين أصبحوا فيما بعد يعانون نوعا من المضايقات والتهديدات
ما اضطر بعض أفراد طاقمها إلى الانسحاب لكونهم موظفين في سلك الوظيفة العمومية حفاظا على مصدر رزقهم وقد تعرض بعضهم الأخر الى انتقالات تعسفية من مدينة تاوريرت إلى جهات بعيدة في حين تمت عدة محاولات من اجل إلصاق تهم خطيرة بمديرها بعد مساءلات متكررة جعلته هو الأخر يلجا إلى مغادرة ارض الوطن نحو أوروبا بلا رجعة ولا معاودته الكرة فقد كانت هذه النهضة الثقافية ثورة على الاستبداد المتأصل في هذه المدينة وضدا على الفساد المستشري في هذا المجتمع وقد كتب علينا خوض هذه المغامرة لنكون أو لا نكون وكذلك كنا
ومنذ ذلك الحين لم تقم للثقافة وللمثقفين في هذه المدينة قائمة رغم بعض المحاولات التي جاءت لتتأسس على أنقاض مجلة الأمل إلا أن كل هذه المحاولات قد باءت بالفشل بعد سقوط ذلك الصرح الذي تم بناؤه على قاعدة صلبة رغم ذلك فقد تم تدميره تدميرا كليا واقتلاع أساساته من جذورها فلم يعد يومئذ للثقافة اي اثر في هذا المجتمع ولا للمثقفين أي ذكر في هذه المدينة ورحم الله من يحيا منهم ميتا وكذلك من يموت منهم حيا