بقلم : الخضير قدوري
بعد أكثر من خمسين سنة بالصدفة استوقفتني الذكرى وقوف ناسك متعبد أمام مدرسة ابن تومرت المتواجدة إزاء المسجد الأعظم بمدينة وجدة متأملا أطياف أصدقاء وصديقات أيام زمان
عندما كنا نتدافع في هذا السلم إلى الطابق الثاني حيث توجد غرفة الدرس التي كنا نتلقى دروسنا عن معلمينا اذكر بالاسم كل من السادة بن الضياف ـ والبشيرـ ومصطفى ـ ثم الصفريوي ومن طاقم إدارتها مديرها السيد أمل عبد القادر ثم حارسها السيد العياشي كتلميذ من تلامذة هذه المدرسة اذكر من بينهم السادة ـ مأمون عبد الله ـ وملوكي عمرـ وبنعزي ـ وموساوي محمد ـ ثم حمو الطاهرـ وغيرهم ممن لم أتذكر أسماؤهم ومن الإناث اذكر أيضا ـ الأوانس بوشيخي ـ وبريشي ـ وبوكاربيلا ـ ومخوخي
كم أتمنى لو يمن الزمان بعد أكثر من نصف قرن من الفرقة والقطيعة بلقاء احد هؤلاء الأصدقاء والصديقات ممن قد أمهلهم الموت وطال بهم العمر إلى اليوم فنقف إزاء هذه المدرسة التي مازالت بنايتها قائمة تحدث التاريخ والأجيال وقد لا يعلم ماضيها ولا يسمع حديثها سوانا وبذكرنا إياها سينكون قد أعدنا إليها الحياة بعد موت طال أكثر من خمسين سنة أي واحد منا يقف أمام هذه البناية ساعة ستهدي إليه صورا نادرة من أرشيف ذكريات تنبثق من عتمة ماض تغرقه في مستحم من دموع الرحمة والشوق والحنين إلى ماض مضى بكل ما هو جميل والى زمن طفولة لم يبق منها سوى أطياف الخيال واثر السنين الحلوة والذكريات العذبة التي نقشت على القلوب أثارها بحروف من نور ونار ترى هل يكون الموت قد أمهلنا إلى اليوم فنلتقي ولو على فضاء الأثير ثم نتعانق عناق الأحبة المشتاقين فنشكر القدر الذي جمعنا بعد أن فرقنا وشتت شملنا لمدة تزيد على خمسين سنة
انا من قدماء ابن تومرت بوجدة كلاما مررت من قرب المدرسة ترجع بي الذاكرة للسنين التي لا تعوض