بقلم : عزالدين قدوري
نظرا لكون الزمن القضائي يشكل أحد أهم المقومات الرئيسية للعدالة الناجعة ، و لما له من أهمية في إصدار الأحكام في أجل معقول لاستعادة ثقة المتقاضين في القضاء، ولكونه من الجانب الأخر يطرح إشكالا كبيرا يتمثل في هدر الزمن القضائي الذي تعاني منه العدالة في المغرب مما يتسبب في فقدان ثقة المواطنين في العدالة .فقد شكلت هاته النقاط للمحكمة الابتدائية بتاوريرت دافعا رئيسيا لتنظيم يوم دراسي حول : ” آليات تدبير الزمن القضائي ” أمس الخميس 26 ماي 2022.
حيث استهلت فقراته بكلمة افتتاحية للأستاذ عمرو بن علي رئيس المحكمة الابتدائية بتاوريرت، رحب من خلالها بكل من السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت و السيد المستشار والسادة القضاة و السيد ممثل هيئة المحامين بوجدة السيد ممثل الدرك الملكي بتاوريرت السيد رئيس الأمن الإقليمي بتاوريرت و السيد ممثل المجلس العلمي المحلي بتاوريرت و السيدة رئيسة كتابة الضبط و السادة موظفو و اطر المحكمة و السيد مدير السجن المحلي بتاوريرت و السادة المفوضين والنساخ …
وقد أشار السيد رئيس المحكمة في كلمته إلى أن اختيار موضوع آليات تدبير الزمن القضائي جاء لما يكتسيه من أهمية قصوى في تحقيق النجاعة القضائية و تكريس الممارسة العادلة .
من جانبه أيضا تقدم الأستاذ عبد الصمد الأزمي الإدريسي وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت بكلمة شكر من خلالها السيد رئيس المحكمة الذي اشرف على تنظيم هذا اليوم الدراسي و رحب بالسادة الحضور و السادة المتدخلين و على رأسهم الأستاذ عدي وردا نائب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بوجدة و الأستاذ جمال بوصوابي القاضي بالمحكمة الابتدائية ببركان ، و لم يفته توجيه الشكر أيضا للسيد فخر الدين دزيري النائب الأول للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة .
وقد أكد السيد وكيل الملك لدى محكمة تاوريرت في كلمته على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة و حكم يصدر داخل اجل معقول . مشيرا إلى حرص القاضي على البث في القضايا داخل اجل معقول مع مراعاة الآجال المحددة بمقتضى نصوص خاصة . و أضاف أن تدبير الزمن القضائي ليس مسؤولية القاضي وحده و إنما له ارتباط وثيق بجميع مكونات العدالة و المتدخلين فيها من محامين و خبراء و مفوضين و عدول و ضابطة قضائية و سلطات إدارية ، وختم كلمته بتساؤل عن آليات تدبير الزمن القضائي من أجل تقديم خدمة قضائية للمتقاضين بنجاعة و في زمن معقول ، وتحسين ظروف التقاضي و تحقيق العدالة .
.و وفقا لبرنامج هذا اليوم الدراسي الهام ، قام كل من الأستاذ عمرو بن علي رئيس المحكمة الابتدائية بتاوريرت ، و الأستاذ عبد الصمد الأزمي الإدريسي وكيل الملك لديها بفسح المجال أمام المتدخلين لمناقشة هذا الموضوع الجوهري من مقاربات متعددة و وجهات نظر مختلفة للخروج بخلاصات للوصول إلى الهدف الأسمى و هو ضمان التمتع الفعلي بالحقوق و الحريات التي تضمنها القوانين الوطنية و الدولية .
حيث ترأس جلسة هذا اليوم الدراسي السيد عدي وردا ( نائب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بوجدة) ، و قرر مجرياتها السيد أحمد نبوتي (نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتاوريرت ).
فكانت المداخلة الأولى للأستاذ جمال بوصوابي ( قاض بالمحكمة الابتدائية ببركان ) بعنوان : ” تدبير الزمن القضائي في المادة الزجرية بين متطلبات النجاعة و اكراهات الواقع ” ـ و التي توقف فيها عند دور القاضي في تحقيق الهدف من الزمن القضائي و هو تحقيق العدالة الناجعة مؤكدا أن القاضي يجب أن يكون تدخله ايجابيا و يتمتع بالجرأة ، و ختم مداخلته بالوقوف عند القضايا التي تعرف كسادا على مستوى قضاء التحقيق و هي قضايا ” الشيك بدون رصيد ” …
بعد السيد جمال بوصوابي أحيلت الكلمة إلى الأستاذ أسامة الريسوني ( قاض بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت ) و التي تمحورت حول موضوع ” تدبير الزمن القضائي كضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة ” توقف فيها عند بعض الأنظمة القانونية المقارنة ، وعند دستور المملكة المغربية لسنة 2011 متسائلا عن تحديد مفهوم الأجل المعقول ، وتوقف عند بعض النصوص المتعلقة بقانون المسطرة الجنائية مثل الحراسة النظرية والاستنطاق على مستوى قضاء التحقيق و أجل الاعتقال و أجل الحراسة النظرية و أجل الإحالة على الجلسات …. ولم تفته الإشارة إلى بعض النقاط في مشروع المسطرة الجنائية الجديد و الدوريات والمناشير الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية و عن رئاسة النيابة العامة . وختم مداخلته بالتساؤل حول جزاء خرق مبدأ الأجل المعقول ؟.
كما تناولت الأستاذة فاطمة قدوري ( رئيسة مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بتاوريرت ) مداخلة بعنوان ” الخطوط التوجيهية لتدبير الزمن القضائي ” تطرقت فيها لتجليات تدبير الزمن القضائي من خلال عمل كتابة الضبط قبل انعقاد الجلسة و أثنائها و بعدها ، و العراقيل العملية و القانونية التي تحد من دلك ، و أشارت كذلك الى دور كل من المحامي و المفوض القضائي و الخبير في تدبير الزمن القضائي مؤكدة على بعض الالتزامات الأخلاقية لمساعدي القضاء إضافة إلى الالتزامات القانونية التي من شأنها تفادي هدر الزمن القضائي ، كما قامت بعرض الخطوط التوجيهية لتدبير الزمن القضائي و الآليات و المؤشرات المساعدة على دلك …
هذا وقد اختتمت هذه الجلسة بمداخلة للأستاذ عدي وردا( نائب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بوجدة ) و التي تناول فيها موضوع ” تدبير الزمن القضائي في المادة المدنية ” مشيرا فيها بشكل مقتضب إلى عدة نقاط مهمة من قبيل دور المفوضين القضائيين و وجوب التعديل على قانونهم وجعل التبليغ على كاهل مثير الدعوى سواء كان مدعيا ، متعرضا ، مستأنفا … كما أشار إلى تعطيل الخبير إذ لا يحق للخبير المطالبة بالزيادة في الأتعاب قبل إعمال الخبرة و قد عزز الأستاذ عدي وردا مداخلته بشواهد من صميم قضايا محكمة الاستئناف بوجدة .
عموما كان هذا اليوم الدراسي المنظم حول ” آليات تدبير الزمن القضائي ” ناجحا ، وما أسهم في نجاحه أكثر بالإضافة إلى عروض السادة المتدخلين ، كانت مضامين المناقشة المفتوحة التي كانت غنية بالأسئلة و الأفكار التي طرحتها ثلة من القضاة و أطر كتابة الضبط و المحامين و المنتدبين و المستشارين ….
وفي الأخير تم تحرير تقرير حول اليوم الدراسي ، تضمن مجموعة من التوصيات الهادفة إلى تدبير الزمن القضائي .
شكرا لكم على حسن التغطية