بقلم : د.صفاء الإدريسي الشرفي
بعدما قررت الحكومة المغربية فتح ملاعب كرة القدم أمام الجماهير اعتبارا من يوم الجمعة بتاريخ 24 فبراير 2022، بعدما تم إغلاقها لمدة تزيد عن سنتين، بعد تحسن الوضع الصحي المرتبط بجائحة كوفيد-19 مؤخرا وذلك بناء على توصيات اللجنة العلمية، ونظرا للتطورات الإيجابية الأخيرة بالنسبة لجائحة كورونا في البلاد فتحت الأبواب لتستقبل الجماهير المتعطشة لمتابعة مباريات فرقها المفضلة لكن هذه الأخيرة كسرت قواعد الروح الرياضية فحولت أرضية الملعب إلى ساحة للحرب.
فقد اندلعت أعمال تخريب، زوال يوم الأحد 13 مارس 2022، بمجمع الأمير مولاي عبد الله الرياضي بالرباط، في ختام المباراة التي جمعت بين الجيش الملكي المغربي والمغرب الفاسي في الدور 16 من بطولة كأس العرش لكرة القدم 2020-2021، لتطفو على السطح ظاهرة شغب الملاعب الرياضية من جديد، فعلى الرغم من الخطة الاستباقية التي وضعتها مديرية الأمن بمدينة تمارة بمنع القاصرين من ولوج الملعب والاستماع إليهم وتسليمهم لأولياء أمورهم، بحيث تم منع 90 قاصرا من ولوج الملعب قبل بداية المباراة، إلا أن الأمر لم يمنع تورط مجموعة منهم بأعمال الشغب التي حدثت.
وقد صدر بلاغ من المديرية العامة للأمن الوطني عقب أحداث مباراة الجيش الملكي والمغرب الفاسي حيث تضمن ما أسفرت عنه العمليات الأمنية التي باشرتها ولاية أمن الرباط على خلفية أعمال الشغب التي أعقبت المباراة، فقد تم ضبط 160 شخصا، من بينهم 90 قاصرا، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال الشغب المرتبط بالرياضة، وحيازة أسلحة بيضاء، والسكر العلني البين والتراشق بالحجارة المقرون بإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة وعامة، وإضرام النار عمدا في مركبة، على الرغم من كون كل هذه الأعمال معاقب عليها بمقتضى القانون رقم
وقد تسبب المتورطون في أعمال الشغب في إصابة 85 شرطيا بجروح وإصابات متفاوتة الخطورة، من بينهم 63 مصابا تم نقلهم للمستشفى الجامعي ابن سينا، و14 مصابا تم الاحتفاظ بهم بمستشفى التخصصات، و8 مصابين تم نقلهم للمستشفى العسكري بالرباط. تشرف إدارة التفتيش على الخدمات الصحية في المديرية العامة للأمن الصحي على متابعة دخولهم المستشفى وتزويدهم بالمساعدة الطبية اللازمة.
كما أبلغت خدمات المديرية العامة للأمن الوطني في هذه المرحلة عن إصابة 18 عنصرًا من القوات المساعدة بإصابات وأورام دموية وكدمات، بالإضافة إلى 57 مصابًا من المؤيدين تلقوا العلاج اللازم من جانب الكادر الطبي، فيما تم نقل المصابين الآخرين إلى مختلف المستشفيات في الرباط.
وأشار البيان إلى تضرر منشآت الاستاد والمباني الملحقة وإحراق دراجة نارية، مشيرا إلى تضرر 33 مركبة تابعة للشرطة والأفراد كانت متوقفة خارج الاستاد
وعليه فقد خضع جميع الموقوفين لإجراءات تحقيق قضائي أمرت به النيابة العامة المختصة لتحديد مستويات ودرجات تورط كل منهم والتعرف على جميع المتورطين في ارتكاب هذه الأعمال الإجرامية. وخلص البيان إلى استمرار مراجعة لقطات كاميرات المراقبة لتحديد أي أفراد آخرين متورطين.
وعقب هذه الاحداث التي يمكن وصفها بالدامية قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؛ اليوم الاثنين؛ إغلاق الملاعب الرياضية في وجه جماهير فريقي الجيش الملكي والمغرب الفاسي؛ على خلفية أحداث الشغب التي عرفتها مباراة الفريقين برسم قصائيات كاس العرش.
وقد ترتب على هذه الأعمال عقوبات تأديبية طالت الفريقين، بحيث أعلنت اللجنة المركزية للتأديب والروح الرياضية بالجامعة في بلاغ إجراء مباريات فريق الجيش الملكي داخل ميدانه بدون جمهور مع منع هذا الأخير من حضور مباريات فريقه خارج الميدان لبقية الموسم، بناء على المواد 36، 76، 60، و105 من قانون الانضباط، نظرا لخطورة الأحداث التي عرفتها المباراة وجسامة الأفعال التي تسبب فيها جمهور فريق الجيش الملكي والتي خلفت إصابات جسيمة متفاوتة الخطورة بين صفوف أفراد القوة العمومية والجماهير، فضلا عن الخسائر المادية التي الحقت بتجهيزات الملعب ومعداته.
كما قررت اللجنة فرض غرامة مالية على فريق الجيش الملكي قدرت بمبلغ 50 ألف درهما لرمي جماهيره الحجارة وأشياء صلبة داخل أرضية الملعب حسب مقتضيات المادة 105 من القانون التأديبي، ومبلغ 50 ألف درهما لاقتحام الجماهير أرضية الملعب، ومبلغ20 ألف درهما لاستعمال الجماهير للشهب الاصطناعية.
وسيتحمل الفريق العسكري بموجب القرار؛ إصلاح الأضرار التي لحقت بالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله وبتجهيزاته ومعداته بعد تقييم حجمها باعتباره الفريق المستضيف والمسؤول عن التنظيم.
أما بالنسبة لفريق المغرب الفاسي؛ فقد تقرر إجراء مبارتين بدون جمهور بسبب سلوك مشجعيها واقتحام أرضية الملعب بعد نهاية المباراة واستعمال الشهب والرشق بالحجارة.
وقررت اللجنة التأديبية كذلك تغريم فريق المغرب الفاسي مبلغ.50 ألف درهما لرمي جماهيره الحجارة وأشياء صلبة داخل أرضية الملعب؛ ومبلغ 50 ألف درهما لاقتحام الجماهير أرضية الملعب، ومبلغ 20 ألف درهما لاستعمال جماهيره للشهب الاصطناعية، في انتظار ما ستسفر عنه محاكمة المتورطين يهذه الأعمال.
للأسف، ما زالت ظاهرة الشغب بالملاعب تسيء إلى السمعة التي تحظى بها اللعبة الأكثر شعبية وتضع الجميع أمام حتمية التساؤل عما هي الأسباب والحلول لهذه الآفة.
وفي نظرنا فالأمر راجع إلى الأزمة التي باتت تعيشها الأسرة والمدرسة، وفشل كل المقاربات في ظل غياب استراتيجية واضحة لمحاربة آفة الشغب، وكذا التعامل مع القانون رقم 09.09 بمرونة زائدة.
وعليه، فنحن اليوم بحاجة ملحة إلى اعتماد مقاربة شمولية تتدخل فيها مختلف القطاعات وليس فقط وزارات الشباب والرياضة والعدل والداخلية، حيث يعني الأمر أيضا وزارة التربية الوطنية من خلال التحسيس بخطورة الظاهرة في المؤسسات التعليمية وبث وصلات تحسيسية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
صفاء الإدريسي الشرفي – دكتوراه في شغب الملاعب – جامعة محمد الخامس الرباط