بقلم : الخضير قدوري
الحكومة المغربية كأية حكومة عربية أخرى شغوفة بالواردات الغربية لاسيما فرنسا ، من الطائرات الحربية التي نعتمد عليها من اجل حماية وطننا ، إلى الأسنان الاصطناعية التي نلوك بها طعامنا، فإلى الأنظمة والمقررات التي نعتمدها في مدارسنا ونلقنها لأطفالنا ، ثم إلى حروف ومصطلحات نصحح بها لغتنا والى قوانين ومدونات نتعلم منها كيف نمشي على طرقاتنا ونربي مجتمعاتنا
باستثناء هذا النوع من الديمقراطية التي أدت إلى اعتقال رئيس دولتها ، ويتم عرضه على المحكمة بتهمة حصوله على أموال قذرة من معمر القذافي من اجل تمويل حملته الانتخابية ، رغم انه قد تنكر لصاحبه إذا ثبت ما نسب إليه .بالمشاركة في الانقلاب عليه والتنكيل به قبل مقتله ، إلا أن كل ذلك لم يكن ليشفع له أو يدفع عنه الشبهة التي من اجلها يتم اعتقاله ، ومن ثم حجزه على ذمة التحقيق من طرف جهاز الأمن الفرنسي، وربما سيحاكم في إطار القانون باسم الديمقراطية مع رد المظالم إلى أهلها وتحويل مال القذافي إلى خزينة شعب ليبيا .
لذلك كانت حكوماتنا السابقة واللاحقة ، تتخذ من السياسة الفرنسية والغربية بصفة عامة قدوتها العليا ومثلها الأعلى ومرجعيتها المثلى ، ووجهة جل وزرائها الشغوفين باستيراد كثير من قوانينها ونقل عديد من تنظيماتها ومدوناتها وعاداتها وتقاليدها وصيحات موضاها وموجات فنونها ، فأرادت بحكم من الأحكام الرجعية ذات الخلفية الاستعمارية أن تفرض تطبيقها على الشعب المغربي الذي يعتز بتقاليده وعاداته ويتمسك بهويته ويحافظ على أصالته ، لتجعل منه شعبا مستهلكا لتستغله كقطيع لا يبارح حظيرته إلا مدفوعا إلى مورد يرد منه عطشه ، معرجا به على مرتع يشبع فيه جوعته ، ومن ثم يساق إلى مسلخه ويجر إلى مذبحه . ولا تريده أن يتخطى ما بعد ذلك حتى يظل في متناول يدها كلما دعت الضرورة لذلك.
مهما كان هذا الشعب يجد نفسه غير مستعد لاستهلاك هذه الواردات ، لاشك في انه قد أصبح اليوم قبل الغد يرحب بل يرغب في أن تتسم حكومتنا الحالية بالشجاعة المعهودة فيها ، من اجل فرض فرائضها القاسية على شعب مغلوب على أمره ، وكحكومة تدعي الاعتدال والحداثة ، وتتميز بالانفتاح على العالم الديمقراطي وحقوق الإنسان ، من تناهض الظلم والفساد ، وتحارب الرشوة والمحسوبية والزبونية ، وغيره من المصطلحات الاستهلاكية التي تنتهي” بالعفو عما سلف ” كعرف أصبحت تعرف به حكومة بنكيران ، كما عرفت من قبله ” بمن أين لك هذا ” حكومة عباس الفاسي ، في حين يبقى هذا الشعب دائما ضحية مثل هذه المبادئ والأعراف والنظريات الصورية المخالفة لآليات كل الديمقراطيات الخالية من كل المضامين والمسئوليات التي لا تمت لواقعه بصلة . انه لمن باب الإنصاف يرجو أن تتحلى هذه الحكومة بشجاعتها مرة أخرى فتعمد إلى تصحيح مفهوم الديمقراطية على شاكلة الديمقراطية الفرنسية الحقيقية ، التي تجعل الرئيس كالمرؤوس سواسية في الوطن المستقل ، وأمام قانون دولة الحق والقانون .
إن خردة البرامج التعليمية والقوانين المنقولة ، والمساطر والمدونات المستوردة ، كلها قد أدخلت مغربنا في لجج بحار من الظلمات لن يخرج منها بأقل التكاليف ، مع ذلك فانه لم يحاول ربابنة هذا البلد إلى حدود الساعة بذل أي مجهود من اجل إخراجه من ظلمات البحار، وإنقاذه من لججها العاتية ، وقد لا يتأتى إثبات هذه الآليات المنقولة أو يصح استعمالها إلا بمصاحبة ديمقراطيتها ، باعتبارها المعلب الذي يضمن صلاحيتها ، ويحافظ على جودتها . تلك هي الديمقراطية التي تفرض المحاسبة المرتبطة بالمسئولية ، ولا تتقادم إلا بنهاية حياة المسئول ، مع ذلك فان الموت قلما يعفي من رد المظالم إلى أهلها ، ورد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة ومن ثم إلى جيوب الشعب.
طبعا إنها لب الديمقراطية التي يتمنى الشعب أن تستوردها حكومتنا كما هي الديمقراطية التي لا يحبذها الملتصقون بكراسي المسئولية ، الحريصون حرصهم على مراكمة الثروات التي تضمن توريث هذه الكراسي لأبنائهم وأحفادهم في ظل نظرية العفو عما سلف لحكيم الحزب الحاكم .
إذا كان ساركوزي الرئيس الفرنسي وغيره ممن سبقوه إلى الجلوس على ذلك الكرسي الناري في البلد الديمقراطي مثل جيسكار وشيراك وجوبي وغيرهم لم يسلموا من المساءلة والمتابعة والمثول أمام المحكمة فأي وزير أو مدير أو عامل أو أو أو في مغرب عم باسم الديمقراطية القشور أجوائه وملأ بشعارها أبواقه قد تم الإشارة إلى فساده ولو بالبنان كالذي اغرق ركاب سفينة النجاة إلى من أوصل المغرب إلى السكتة القلبية فإلى الذي أدى به إلى حافة الإفلاس ثم إلى الذين افرغوا صناديقه في خزائنهم مرورا بالذين ادخلوه والشعب بكامله في نفق مظلم ويعلم الله أي مخرج يخرج منه و أي منفذ ينفذ إليه ونسال الله اللطف فيما قضى .