بقلم : عزالدين قدوري
البناء العشوائي آفة عمرانية تعاني منها معظم دول المعمور وأسبابها الرئيسية التي تدفع المواطن إلى اللجوء إليها كأسلوب للعيش هي انتشار الفقر والهشاشة والتهميش . وقد اتخذت الدولة المغربية عدة تدابير تندرج ضمن ورش إعداد التراب الوطني وحل هذه المشاكل وتوفير مساكن اقتصادية تلاءم حاجيات ومستويات المواطنين البسطاء وقد بدأت معالم نجاح هذه المبادرة تلوح تدريجيا في الأفق ببعض المدن المغربية التي بدأت تتخلص شيئا فشيئا من هذه الظاهرة بفضل المبادرات الجادة لدولة واستجابة المواطنين .
لكن حين نجد بمدينة مغربية كتاوريرت التي تشهد يوما بعد يوم انتشارا واسعا لعمليات الترامي على الملك العام وتفويت القطع الأرضية واجتثاث الغابات من اجل الاستحواذ على القطع الأرضية .
– وممن ؟
من مافيا العقار بالمدينة والدين يتكونون من أشخاص ذوي نفوذ بالإقليم . يعني من أشخاص فيهم من هم يتمتعون بنصيبهم من الثقافة والعلم و المال والمرتبة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية …. يعني هم أشخاص يدركون تمام الإدراك ما هي الآثار السلبية لترامي على الملك العام والعقوبة التي يطبقها القضاء و القانون في حق كل مترامي .
إن ظاهرة الترامي على الملك العمومي واحتلال مساحات عقارية هامة وكل ما يندرج تحت إطار مافيا العقار بمدينة تاوريرت أصبح اليوم يجثم على أنفاس المواطنين البسطاء وما جعله يستفحل بهذا الشكل المهول هو تراخي السلطات المحلية في القيام واتخاذ القرارات الحازمة في مثل هذه الحالات . ذلك أن هذه المافيا تعتمد على دعامات قوية داخل الإدارة المحلية الشئ الذي فتح شهيتها عن أخرها للاعتداء على الملك العمومي وإنشاء التجزئات السرية . إن هذه المافيا قد تسببت في تراجع واضح في وثيرة التنمية المحلية على حساب المواطن العادي والمهاجر الذي يأمل في إنشاء مشاريع ومقاولات تنموية حقيقية الشئ الذي بدأ يضع الدولة في حيرة كبيرة حول كيفية توفير المساحات العقارية للمستثمرين . فإذا كان المواطن البسيط قد فطن مبكرا لهذه المشكلة العقارية بتاوريرت وبدأ يعي ما سيترتب عنها من أزامات خانقة .
فما الذي يجعل المسئولين في موقع صمت وهم من يعملون باستراتيجيات ودراسات بعيدة المدى في تسيير الشأن المحلي ؟
– هل حقا أنهم لم يفطنوا بعد إلى هذه المشكلة أم أنهم يغضون الطرف لغاية في نفوسهم ؟
– الم ينتبهوا إلى هذه النقطة السوداء خصوصا وان سكان المدينة قد بدؤوا في تنظيم احتجاجات شبه يومية يرفعون فيها شعارات تتهم المسؤولين بسوء التسيير والمحسوبية وتحمل المنتخبين المسؤولية فيما آلت إليه أوضاع المدينة ووصفوهم بقلة الكفاءة والجهل بقوانين التسيير الإداري ؟
فإضافة إلى النتائج السلبية لظاهرة الترامي على الملك العام والتي تجعل المواطن يعاني من ارتفاع أسعار الأراضي السكنية وحرمانه من الحق في بناء مسكن يأويه وعائلته .
– الم يفطنوا بعد إلى أن ظاهرة الترامي هاته قد تضعهم هم الآخرون كمؤسسات مستقبلا أمام مشاكل كبيرة كصعوبة إيجاد أماكن لبناء المرافق الحكومية والتي لابد من وجود أراضي حكومية لإنشائها ؟
فإذا كان دور المسئولين هو مواجهة مخالفات الترامي على العقار و يتم ذلك بناء على شكاوى الموطنين فان الشكاوى قد ملأت أرشيفات المحاكم و الإدارات إضافة إلى الإعلام السمعي والمرئي والمكتوب و الالكتروني الذي أصبح يفتح شهيته كل يوم على مثل هاته المواضيع التي لطالما كتب عنها ونقل صور وفيديوهات تجسيدا لهذا الزحف الأسمنتي اللا قانوني الذي بات يهدد مدينة تاوريرت .
إن ظاهرة الترامي على الأراضي والأملاك العمومية أو الأملاك الخصوصية يعد جريمة كبيرة يعاقب عليها المعتدي بأشد العقوبات وقد نبهنا إلى ذلك وحذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأمة إسلامية في قوله : “ من أخد من الأرض شبرا بغير حق خسف به يوم القيامة إلى سبع أراضين “ . لدلك وجب على المسئولين تشديد العقاب والضرب بيد من حديد لردع كل من سولت له نفسه أن يترامى على أملاك تاوريرت العمومية و يغتصب سكانها وأجيالها القادمة في حقوقهم خصوصا وان العقار يعد واحدا من اكبر الدعائم الاقتصادية التي يعول عليها لتنمية المدينة . لذلك وخوفا من مغبة الاعتداء على الأراضي بمدينة تاوريرت نتمنى من المؤسسات العليا تخصيص لجان دورية من دوي الضمائر الحية ، الخيرين ، الشرفاء بهذا البلد المعطاء ممن يستعصي شراء ذممهم ببضع الدريهمات ليتخذوا كافة الإجراءات اللاذعة حيال المعتدين على أملاك الدولة والمواطن .