الخضير قدوري :
مازالت مدينة تاوريرت تشهد نوعا من التخريب باسم التشييد ونوعا من الافساد باسم الاصلاح الذي يطال اطراف المدينة ويهوي بمعاول الايادي الاثمة التي تقتلع الماثر التاريخية وتستاصل معالم ذاكرة المدينة في غياب من يسمون انفسهم حماة البيئة والفعاليات الثقافية من ابناء هذه المدينة البئيسة
بعد اقتلاع جذور اشجار التوت من على جنبات الطريق في المدخل الشرقي للمدينة تلك الاشجار الباسقة التي عمرت اكثر من مائة سنة وهي تؤرخ لزمن ميلاد حضارة وتشييد مدينة تسمى تاوريرت تلك الشجرة المستوردة من اي بلد قد لن يجد غارسها بيئة وتربة ومناخا يناسبها الا تربة هذه الارض حيث تعهدها سنينا طويلة الى ان ارسلت في اعماق الارض جذورها وبعثت في عنان السماء فروعها وسطرت على وريقاتها نبذات تاريخية تحفظها لذاكرة هذه المدينة لتحدث بها الاجيال المتعاقبة على اعمارها
وها انا اليوم مرة اخرى كشاهد على عصره اشهد على الجريمة نفسها التي تطال اشجارا اخرى تكون قد عمرت قرابة 150 سنة في قلب حديقة الاميرة للا امينة وسط المدينة لكم كان حزني شديدا حينما وجدت جذوع واغصان وفروع هذه الاشجار حطاما ملقى على الارض كل ذنبها قيل انها تاوي طيورالحمائم واللقالق فحق عليها في شرع اعداء البيئة والطبيعة وقوانين العاملين على طمس المعالم التاريخية ومحو ذاكرة المدينة بان تقتلع من اصولها وتقطع فروعها وتهصر اغصانها
اجل ايها القراء الاعزاء بذلك اصبحت هذه المدينة بلا هوية تاريخية ولاذاكرة ثقافية ودون اصول ولا فصول محددة تؤسس لوجود ساكنيها المنحدرين من كل الجهات القريبة والبعيدة نتيجة لامبالاة سكانها وغياب مثقفيها ومن ينصبون انفسهم حماة لبيئتها وكذا تنكر ابنائها الذين كان من المفروض ان يحافظوا على هويتها ويصونوا ذاكرتها التي تؤرخ لامجادها ولابائهم وامهاتهم ويدافعون عن كرامة اهلها وسكانها للعلم ان هده الهوية والكرامة والتاريخ والذاكرة كتلكم الاشجار المعمرة الباسقة التي تهوي أمام أعيننا بمعاول المفسدين والجاهلين والمتجاهلين للقيم الانسانية والمآثر التاريخية والطبيعية والثقافية للمدينة واهلها وساكنتها