بقلم : الخضير قدوري
مازال التضييق على أفراد الجالية مستمرا من طرف الحكومة المغربية ،في حين كان أفراد الجالية ينتظرون منها ان تصدر أي قرار ما من شانه ان يرطب أجواء التوتر التي يعيشها المهاجرون المغاربة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي يعانون منها هنا وهناك وهم يتقلبون على صفيح ساخن بين المطرقة والسندان تتوالى عليهم ضربات الحكومة دقة بدقة علها تجعل منهم كتلة تفرض وزنها وثقل حملها ثم يعيدون حساباتهم مع هذه الحكومة او السابقات حول ما قدمته وأخرته لفائدتهم منذ عشرات السنين باستثناء الوصلات الاشهارية والشطحات التلفزيونية بمناسبة التدفق السنوي للعملة الصعبة التي تجعل مقابلها هذه الرزنامة من القوانين المؤلمة ،والترسانة من القرارات المجحفة الصادرة عن حكومتنا الموقرة ، التي أثرت بشكل حاد على حياتنا اليومية ، واوحت بما توحي اليه من موحيات دونها ألاف علامة استفهام قابلة لكل التأويلات التي قلما تعكس الإرادة الصادقة لهذه الحكومة، ولا تبشر بخير لفائدة الجالية او تعكس أي اعتراف لها بما قدمته وتقدمه لهذا الوطن
كنا ننتظر من هذه الحكومة التي أظهرت قبل ان تظهر على حقيقتها مدى التعاطف مع من أفنوا زهرة شبابهم وضحوا بثمرة شيبهم وغامروا بكل حياتهم وما ملكت أيديهم ، معتمدين على الله وأنفسهم من اجل تخفيف حمل ثقلهم من على الدولة التي لم تكن تساعدهم يومئذ الا بجواز مرور دون زاد ولا تذكرة سفر ثم تهتدي هذه الحكومة الى الصواب وإصلاح ما راكمته سابقاتها من أخطاء في حقنا بعد خمسين سنة فتنصف اليوم هذه الجالية وبعبارة أخرى هذه المطلقة دون عدة ولا واجب نفقة ولا حتى رغبة المطلق في إلحاق الأبناء بنسبه ، فتقدم لنا على الأقل تحية صادقة ،بدلا من القرارات العفوية والجارحة، والوعود الخالية من كل مصداقية
بالإضافة الى الإجراءات الجمركية السالفة الذكر التي مازال صداها يولد لدى بعض افراد الجالية نوعا من التذمر والسخط ، وما تلاها من تصرفات بعض المتاجرين بمعاناتهم في الموانئ الشمالية ،فإلى ممارسات رجال المرور والجمارك القاسية، فيما يتعلق بالغرامات الخيالية. ناهيك عن المعانات المادية والمعنوية التي يعانيها المتقاعدون والمستثمرون فيما يتعلق بقانون الاستيراد المؤقت لسياراتهم ،المحدد في ستة أشهر التي تفرض عليهم إيداع سياراتهم في مستودعات سبتة ومليلية . مقابل مبالغ ضافية قد تتجاوز ثلاثة ملايير سنتم في السنة تفوت على خزينة دولتنا وتصرف لفائدة خزينة الدولة الاخرى ، فماذا تريد ان تقوله حكومتنا بلسانها الفصيح والصريح لأبنائها المهاجرين بالامس والمهجرين اليوم الضائعين في العالم ،إلا أن يزيدوا تيها وبعدا واغترابا، وقطعا لكل الصلات والروابط التي تربطهم بهذا الوطن وحكومته ،التي نراها كمن لا تريد بكل هذا سوى الحقد والشر والانتقام من شريحة اجتماعية كل ذنبها أنها تحب وطنها
كنا نحلم بيوم ستكافئنا هذه الحكومة على الأقل بحق استيراد سياراتنا الشخصية واستغلالها دون مقابل لتخفف قليلا من المعانات التي نعانيها ،حتى وان كانت تشترط عدم تفويتها او تسليمها لأقرب الأقرباء او بيعها للغير، إلى حد ما تكون هذه الشروط معقولة ومقبولة. كما كنا نتمنى ان تسهل علينا مساطرها الإدارية ليس تمييزا عن غيرنا ولكن مراعاة لظروفنا الاجتماعية القاسية التي لا ترحم ، ومعاملتنا بنوع من الإنسانية كمعاملتها للمجانين والمختلين وقد كنا كذلك دون شك وإلا كنا… كما كنا ننتظر منها ان تبشرنا ببرنامج يعمل على لم شملنا بأبنائنا وتشجيعهم على العودة الى وطنهم ليساهموا في تنميته وبناء اقتصاده واستغلال طاقاتهم الفكرية والعلمية
ولكن لما أنكرت هذه الحكومة والحكومات السابقة والدولة المغربية بصفة عامة حق الآباء فكيف بها ان تعترف بحق الأبناء ،برفض مطالبها جملة وتفصيلا بعد انقضاء دورها ، موضحة بذلك إنها لم تكن ترغب فينا الا لوجه العملة الصعبة التي نجلبها ،وهي تنكر مادون ذلك وما بعده مما نبذله لصالح وطننا الذي يسري حبه في دمائنا ، ومن كل ما كنا نعتبره واجبا من واجباتنا. فإذا بكل شيء أضحى دون اعتراف من دولتنا هباء منثورا وكأن كل ما أتيناه شيئا منكرا حق علينا ان نقبل بهذا النوع من الصد والحرمان ، إنها تصرفات تولد لدينا إحساسا بعدم صلاحيتنا، وتبعث فينا الندم على ماضينا وحاضرنا وعلى مستقبلنا الذي ننظر إلى صرحه وهو ينهار أمام أعيننا ويتصاعد منه غبار قاتم يحجب الرؤية على أعين أبنائنا الذين أصبح من الصعب علينا إقناعهم بمبررات واهية على صواب أرائنا