بقلم : الخضير قدوري
بعد أيام قليلة ستحل ذكرى الثورة من جديد، ولكن بأي حال ستحل وفي أي اتجاه بالتحديد ستنطلق مسيرة الملك والشعب يوم 20 غشت الجاري، ولا شك في أن الخطاب الملكي بالمناسبة هو من سيحدد معالمها المومأ إليها ضمن خطاب العرش ،الذي كان برقا خاطفا تلاه هدوء يسبق عاصفة لا تبقي ولا تذر،
وقد تقتلع الأعشاب من أصولها والأشجار من جذورها وسوف لن تمر كراما ولن تكون بردا وسلاما . عبأت كل طبقات الشعب طاقاتها وجندت وراء الملك فعالياتها لتكون على أهبة الاستعداد لهذه الانطلاقة الموفقة التي اتمنى ان يعلن عنها قائد الثورة جلالة الملك بالمناسبة السعيدة .
ذكرى ثورة الملك والشعب ،
لاشك في أن الاحتفال بها قد يختلف عن العادة المألوفة هذه السنة بما تحمله من دلالات ومعان حقيقية للثورة ،وستدوس بحوافرها الحديدية على أوكار الفساد المتستر وراء واجهة ديمقراطية هشة ، تمخضت ومازالت في رحم تجربة عمرت أكثر من خمسين سنة ، الى اليوم ومع الأسف لم يحين بعد حين اكتمال نضجها فتغادر المشيمة بطبيعتها ،وأبت أن تخرج للوجود لتعانق الحياة إلا بعملية قيصرية .
ذكرى ثورة 20 غشت ،
لاشك في أنها ستدك بحوافرها مخابئ المفسدين دكا ،وتخرب أعشاش بعض الكائنات المتواجدة في حالة عطلة صيفية وهي منهمكة في اللهو داخل الوطن وخارجه ،وعلى شواطئه وقمم جباله وفي أعالي بحاره ، منقطعة عن الوطن وأخباره محولة الأنظار عما يحدث فيه من حركة وحراك .لأنهم في عطلة لا مجال لكسر الرأس ،وشغل البال بالقيل والقال .فاليوم خمر وغدا أمر وليكن ما يكون وبعدهم الطوفان، فليخفق البعير ولتموت الشاة اذا انهمك في اللهو الرعاة ،كذلك حال من كانوا سيفلتون من عسر الحساب وشدة العقاب الذي يؤدي بهم الى جهنم، قد لا يهم خسران مكانهم في جنة الخلد ،مادام لهم في جنة النعيم أكثر من مكان
حكومة يبدو أنها تحزم الحقائب لمغادرة المكاتب ،وأحزاب يبدو انها بدأت تلملم الشتات لترحل فتخلي الأوكار ،وتجر بساطها من تحت النائمين في عالم اللامبالاة بمجالس النواب والمستشارين الغير آبهين لجهلهم بما يدور حولهم إلى أن يحل بهم غضب الثائرين ،وثورة أصبح من المفروض عليها التنقيب من جديد على الأدمغة والأفكار المندسة في أغوار الزمان ،والبحث على الطاقات والكفاءات المنزوية في أركان النسيان ،وعمن يملكون القدرة على نكس النفايات الضارة ولم القاذورات السامة، وجمعها في حاويات خاصة لترمى في مزابل التاريخ. ثم البدء بالعمل المضني من جديد على بعث روح جديدة في جسم هذا الوطن المنهار، الذي قلما سيستعيد عافيته بعد عشرات السنين
ما ننتظره من خطاب ذكرى الثورة أكثر مما كنا ننتظره من خطاب العرش، فإذا كان الأخير قد خرج على المألوف لغة ولهجة وزمنا ليحمل إلينا في طياته مفاهيم جديدة لروح الديمقراطية ،وليكشف عن معان كثيرة للحكامة الجيدة ،فإننا سننتظر من الثاني ان يكون أكثر تجسيدا لروح الثورة على الفسق والفساد قياسا لما جاء في قوله تعالى، وحتى لا تكون للمفسدين حجة اذا أراد أن ينتقم منهم فانه سيأمر مترفيهم ليفسقوا ويفسدوا وكذلك يفعلون ،ليحق عليهم القول ثم يدمر أوكارهم تدميرا. اجل لقد نفذ صبر الشعب قبل ان ينفذ صبر الملك على الفساد المستشري في كل مكان ،وقد طفح ألكيل من تراكمات السنين وخسر الميزان ،وأصبحت الضرورة القصوى تدعو الى واجب إصلاح الميزان وإقامته بالقسط المبين في اقرب اجل ممكن، لئلا يحل بنا لا قدر الله ما قد حل بقرية المترفين والفاسقين والفاسدين الذين خسروا الميزان