بقلم : الخضير قدوري
على اثر الجمع الموسع الذي نظمه السيد عامل إقليم تاوريرت يوم الأربعاء 23 ابريل الجاري بمقر العمالة بعد أن دعا له شريحة عريضة من المجتمع المدني الذي طالما انتظر هذه المبادرة التي سيخرج بها إلى الساكنة ليكشف عن إستراتيجيةعمله خلال الأربع سنوات المقبلة من عهدته كعامل رقم أربعة على إقليم تاوريرت وكذا عن تطلعاته الإصلاحية لجملة من المفاسد التي تورط فيها بعض دعاة الإصلاح أو المصلحون المفسدون في هذه الأرض .
وقد كشف ضمن عرضه عن بعض العيوب التي شابت هذه المشاريع سواء منها المنجزة أو التي مازالت في طور الانجاز أو التي مازالت حبرا على ورق وحلما في الخيال مبرزا الاكراهات والتحديات التي ساهمت في تعثر بعضها كمبرر لابتلاع 300 مليار سنتيم تقريبا وهي تكلفة مهمة لمشاريع غير مكتملة مابرحت مجرد هياكل عظمية دون لحم ولا دم ولا روح تبعث فيها الحياة ولقد سبق وان نشرنا على موقع تاوريرت بريس حصيلة نتائج البحث التي أجراها المجلس الأعلى للحسابات حول الصفقات والمشاريع والمنجزات المخجلة التي تفوح منها روائح الفساد المنتنة .
ذلك ما قد يستفيده المتتبع لعرض السيد العامل المطول والمعزز بالصور كمن يريد أن يقول بلسان فصيح إني لست مسئولا على ما جناه الأولون وإنما سأبدأ من حيث انتهى السابقون وحتى لا تزر وازرة وزرة أخرى كمن يتبرأ من تحمله مسئولية تراكمات السنين .
أمر طبيعي وشيء معقول في غياب ربط المحاسبة بالمسئولية والى حدود هذا اليوم سيبدأ العداد من الصفر وقد أعلن السيد العامل عن انطلاقته في العمل وفق إستراتيجية محددة المعالم ولكن يبدو أن الطاقم الذي سيعتمد عليه ربما يكون قد استنفذ طاقاته مع العهود السابقة وكذا الآليات والوسائل التي سيستعملها يجب أن يعيد فحصها أو استبدالها .
كما سبق وان تطرقنا إليه في هذا الشأن على موقع تاوريرت بريس تحت عنوان ” أي خلف لأي سلف ” واشرنا إلى أن هناك تحديات واكراهات وعوائق وصعوبات قد توقف العربة أمام الحصان في هذه المدينة وتواجه العامل الجديد بقوة برغم ذلك فقد أصبح ملزما بأن يشمر ويتزر ويلبس للحال جلد النمر وقد وضع القلم بين أصابعه ليوقع على السجل الذهبي لهذه المدينة وان يكتب اسمه على ذاكرتها بمداد الفخر والاعتزاز ولا ينبغي أن يمر عليها مرور الكرام دون أن يقول شيئا للتاريخ .
إن هذه المدينة كعهدها مازالت تعلق أمالا أخرى على المسئول الجديد وتتمنى أن لا تخيب أمالها كل مرة حتى يستحوذ اليأس على مكامن طموحاتها فتصاب بإحباط يرديها قتيلة إنها تشكو هشاشة بنيتها التحتية بأشكالها وترثي مستقبل شبابها بفئتيه بعد أن طواه اليأس والقنوط وكاد أن يلقيان به إلى التهلكة بين أحظان الرذيلة والجريمة والانتحار كما أنها تقاسي من حياة اقتصادية جامدة وتتطلع إلى أفاق تنمية غامضة وتعاني من فساد مستشري في كل مكان إنها تحديات خطيرة واكراهات صعبة ينبغي تجنيد كل الطاقات الفاعلة التي تتميز بالروح الوطنية والثقافية والأخلاقية للتغلب على الإكراه وتحدي التحدي والتصدي لكل مفسد مادي .
فإذا كان الفاعل الثقافي في هذه المدينة كما في المدن المغربية الأخرى مغيبا بفعل الفاعل السياسي فان تغييبه لا يساهم في التغيير ولا يساعد على التنمية فان كان للوضع السائد حمولة ينعكس ثقلها سلبا على كل مؤسسات الدولة يجب أن يعلم العالم أن أصل كل المفاسد الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية ناجمة عن تغييب الفاعل الثقافي الحقيقي عن المشهد السياسي فالثقافة روح الدولة وأي جسد بلا روح لا يعدو أن يكون حيا لذلك ينبغي لكل ذي نية حسنة أن يحرس على تعزيز الجانب الثقافي باعتباره العلاج والوقاية من ولكل الأمراض الاجتماعية التي تطغى على الأمن والسلم والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومن ثم الدين والدولة واستقرار الوطن .