تاوريرت بريس :
عثرت البعثة الألمانية-المصرية العاملة في منطقة سوق الخميس في المطرية في عين شمس، إحدى ضواحي القاهرة، على تمثالين لملكين من ملوك الأسرة التاسعة عشرة (1295-1185 ق.م) في محيط معبد رمسيس الثاني، في ما كان يشكل مدينة أون الفرعونية. وانتشلت البعثة المشتركة التمثالين من وحول ومياه جوفية تنتشر في أرضية المعبد، في حضور وزير الآثار خالد العناني وعدد من موظفي الوزارة وعدد كبير من المواطنين ومندوبي الصحافة والمحطات التلفزيونية المحلية والعالمية.
وقالت وزارة الآثار المصرية الخميس إن البعثة عثرت على الجزء العلوي من تمثال بالحجم الطبيعي للملك سيتي الثاني مصنوع من الحجر الجيري بطول 80 سنتيمترا يتميز بجودة الملامح والتفاصيل. أما التمثال الثاني فمن المرجح أن يكون للملك رمسيس الثاني، وهو تمثال مكسور إلى أجزاء كبيرة الحجم من الكوارتزيت ويبلغ طوله بالقاعدة حوالي ثمانية أمتار.
وقد عثرت البعثة على التمثالين المحطمين على عمق 4 أمتار تحت سطح الأرض، حيث تنتشر المياه الجوفية، حول قطعة أرض محاطة بالمباني الشعبية. وجاء الكشف الجديد بمحيط بقايا معبد الملك رمسيس الثاني الذي بناه في رحاب معابد الشمس بمدينة أون القديمة، حيث تعمل البعثة الأثرية بالمنطقة المكتظة الآن بالسكان منذ 2005. ومدينة أون هي “مدينة الشمس” لدى المصريين القدماء مدفونة تحت منطقة عين شمس تضم آثار معابد ومكتبات للفلسفة وعلوم الفلك والرياضيات، ويُجرى حاليا التنقيب في منطقة تبلغ مساحتها 26.800 متر مربع للبحث عن المزيد من الآثار بها.
وقال أيمن العشماوي رئيس الفريق المصري بالبعثة الأثرية “جاري الآن استكمال أعمال البحث والتنقيب عن باقي أجزاء التمثال للتأكد من هوية صاحبه، حيث أن الأجزاء المكتشفة لا توجد عليها أي نقوش يمكن أن تحدد لمن من الملوك”. وأضاف “لكن اكتشافه أمام بوابة معبد الملك رمسيس الثاني يرجح أن يعود إليه”. وأضاف “في العصور اليونانية والرومانية والإسلامية، تم نقل الكثير من الحجارة والأعمدة والمسلات من هذه المعابد إلى الإسكندرية. ومنها ما نقل بعد ذلك إلى واشنطن وروما وغيرهما من المدن الأوروبية”.
وتابع “وجدت حجارة من هذه المنطقة في مبان عدة في القاهرة الإسلامية، بينها حجارة استخدمت في زمن فرعون التوحيد أخناتون، ووجدت في مسجد الحاكم بأمر الله الفاطمي”. وعادة ما تشهد منطقة عين شمس عمليات تنقيب غير شرعية من قبل مواطنين مصريين بحثا عن قطع أثرية ذات قيمة كبيرة أسفل المباني العشوائية تدر أموالا تصل قيمتها إلى الملايين من الدولارات عند بيعها لسماسرة آثار.
ويؤكد سكان الأحياء المجاورة لمدينة أون القديمة تغير حال الكثير من المصريين الذين يسكنون في المنطقة بعد أن كانوا فقراء. ويعتقد أن المعبد الذي عثر قربه على التمثالين كان من أكبر المعابد بمصر القديمة، لكنه تعرض للتدمير خلال العصور اليونانية والرومانية ونُقلت العديد من المسلات والتماثيل التي كانت تزينه لأماكن أخرى واستخدمت أحجاره في العصور الإسلامية في بناء القاهرة التاريخية.
وقال وزير الآثار المصري خالد العناني إن البعثة عثرت على جزء تمثال سيتي الثاني قبل بضعة أيام بينما عثرت على التمثال الثاني الثلاثاء. وأضاف أنه من المقرر نقل أجزاء التمثال الثاني إلى موقع المتحف المصري الكبير في الجيزة لترميمها وتجميعها حتى يكون التمثال ضمن سيناريو العرض بالمتحف الذي من المتوقع افتتاحه جزئيا في 2018.
يذكر ان منطقة عين شمس تشهد دائما محاولات تنقيب عن قطع أثرية ومخطوطات تقدر قيمتها بالمليارات من الدولارات من قبل أباطرة تجارة الآثار. وزادت محاولات التنقيب عن الآثار بشكل غير مشروع في السنوات الأخيرة في مصر، حيث أصبح المصريون يعرضون حياتهم للموت في سبيل الظفر ببعض القطع الأثرية التي تدر عليهم أموالا طائلة.