تاوريرت بريس :
هل بدأ رجال الأمن يستعيدون عافيتهم وأصبحوا يسترجعون هيبتهم من هذا التسيب باسم الحرية وحقوق الإنسان، الذي ضل يغشى برعبه قلب كل مواطن و يلقي بضلاله على كل مكان في هذا الوطن ،وبات يشهد في عتمته ممارسات بعض أشباه الحيوان التي تتنافى مع كل ما يمليه الضمير ويقبله عقل الإنسان، ترى هل يكون اليأس الذي يحاصرنا بين حاضر قد يعمنا بفساده ،ومستقبل يغرقنا في ظلمه وظلامه سببا يجعل الحنين الى ماضينا الجميل ينتابنا بهذا الشكل العجيب ،ويذكرنا بزمن كنا نمشي بالليل والنهار في الأزقة الضيقة المظلمة ،التي تفتقد الأضواء ولا تعدم الأمن والأمان ، كما في الشوارع العريضة الخالية والطرق الطويلة الموحشة ،حيث لا نلتقي سوى من يلقي إلينا السلام والسلم ويبادرنا بالتحية والأمن والأمان
سلام على زمن كنا وكان لرجل الأمن اسم يملأ كل فراغ في هذه المدينة ،ويسجل حضوره في كل الأحياء وتواجده في كل ركن وزاوية وقلما كان ذكره يخلو من هيبة تنشر في المجتمع الأمن والاستقرار بالليل والنهار، تدفع الصغار قبل الليل الى حضن الأسر وتسوق الأشرار الى مخافر الشرطة ،فيسكن الليل في هدوء وتهدا المدينة في سكون ،ثم يستيقظ السكان في اطمئنان وهم يستقبلون غدهم بحيوية ونشاط وامن وسلام
ترى كيف ولى ذاك الزمان ورجاله ،وجاء أخر بأمثالهم على رؤوسهم طرابيش منمقة بالخيوط الفضية ،وعلى أجسادهم لباسا تتدلى على جوانبها الأوسمة والنياشين ،وهم يحملون على جوانبهم مسدسات فارغة وعصاي مربوطة الى الحزام ،وعلى ظهورهم أصفاد مشدودة بإحكام ،كلها آليات عديمة الجدوى والفائدة .رغم ذلك تجعل حاملها احرص ما يكون على ان لا يتطاول المتمردون الى انتزاعها او اختطافها او سرقتها منه ، وهي لا ترد الأذى عن صاحبها وكأنها غير صالحة للاستعمال وبالأحرى أن تنقذ حياة مواطن أخر من بين ايد مجرمين مدججين بأسلحة القرون الوسطى ،في حين يبقى رجل الأمن يتفرج على النشالين والمجرمين يستبعد عنه شرهم ولا حاجة له بالآخرين .
ذلك ما حدا بأحد رجال الأمن في مدينة تاوريرت كغيره في بعض المدن الأخرى ،ان يستجيب لنداء الضمير الإنساني والواجب الوطني وليبرهن عن شجاعته كرجل أمن يكرس حياته لخدمة الوطن والمواطن ،فيأبى التقيد بهذا النوع من التعليمات ويرفض تنفيذ كل الأوامر المذلة لرجال الأمن عامة ،والمعيقة لأداء رسالتهم والمخلة بواجبهم في الحفاظ على امن وسلامة المواطن ،وضمان الحرية والاستقرار في شارع المدينة فتحية إجلال وإكبار مني لهذا الأمني وأمثاله
لاشك في انه عمل قد يؤتي أكله وتبدو نتائجه الحميدة مع مستقبل الأيام وسيكون هذا الأمني قد بصم على ذاكرة المدينة وكتب اسمه بحروف فضية على سجل التاريخ ،وأعاد لرجل الأمن في هذا البلد هيبته وبعث في جسد الأمن روحا جديدة تسترجع اليه عافيته ، واذا كان هناك من يرى في مثل هذا العمل ما يخل بالحرية وحقوق الإنسان ،قد لا يكون المخل سوى ذاك الحيوان المفترس الذي لا يتوانى في تهديد أمنه كمواطن وحياته كإنسان في الشارع بالليل والنهار، وهو كغيره ليس في منجى من شره ذات يوم .كلنا ضد العنف والإجرام والخوف وشر الإنسان الحيوان ،وكلنا مع المحبة والتسامح والأمن والاستقرار والتعاون على البر والإحسان ،وكلنا مع محاربة الحيوان الذي يهدد الحرية وحقوق الإنسان ،وليس منا ولا فينا من يتعاطف مع باعث الرعب في مجتمعنا وناشر الفتن