تاوريرت بريس :
عندما تطالعنا بعض القنوات الفضائية على المنجزات الطبية التي تقدمها مستشفياتنا العسكرية في إفريقيا والشرق الأوسط والخدمات الاستشفائية التي يتمتع بها مرتادوا هذه المستشفيات يتمنى كل مغربي مريض لو تسمح له الظروف والإمكانيات بالانتقال إلى هذه المستشفيات قصد العلاج ، عجيب أمر هذا الوطن .
قد يصدق المرء أو لا يصدق أن يكون مصدر تلك الأدوية التي تسلم بالمجان وبكميات كبيرة على المرضى هناك من دولة يفتقر أهلها إلى حبة أسبرين والى أشرطة لاصقة وضمادة وأما الخدمات القيمة التي تقدم لسكان تلك البلدان من طرف ممرضين وممرضات وأطباء وطبيبات مغاربة يعاني أهلهم في هذا البلد من سوء المعاملات واسوا الخدمات كل ذلك قد يجعل المرء يشك في وحدة هذه الطينة حتى بات كل مريض مغربي يتمنى لو كان مواطنا أفريقيا أو شرق أوسطيا كما نتمنى جميعا لو تحولت مستشفياتنا المدنية إلى عسكرية عل وعسى أن يكون البديل خيرا إذا كان الأمر يتعلق فقط بالأخلاق والسلوك والتربية.
قد يكون المستشفى الإقليمي بتاوريرت نموذجا من النماذج الرديئة التي تسود وجه قطاع الصحة العمومية في وطننا هذا المستشفى الواقع خارج تغطية هذه الوزارة رغم ما أسالت عنه المنابر الإعلامية من حبر و أعكسته اللاقطات الصوتية والمرئية من صراخ وصور فاضحة باعتباره وجهة أكثر من مائتي ألف نسمة ناهيك عن الطوارئ وحوادث السير في حين يبقى قسم المستعجلات الذي يشرف عليه في غالب الأحيان ممرض واحد أو ممرضة يقومان بدور طبيب حاضر أو غائب مهما تعددت الطوارئ والأحداث هذا المستشفى الذي يعاني معاناة حادة نتيجة قلة في الأدوية وأحيانا انعدام الضمادة والشريط اللاصق ناهيك عن الموارد البشرية ممرضين وممرضات وأطباء مختصين بالنسبة لهذا التوافد السكاني على المستشفى الإقليمي ذو الأجنحة المتعددة والأقسام العديدة لكنها خالية وفارغة من محتوياتها وتجهيزاتها ومواردها البشرية.
المستشفى بكامله يبدو خاليا طاويا فارغا إلا من مرضى ومتوجعين هنا وهناك ومن يافطات أقسام وأجنحة تتراءى في كل مكان وبعض أعوان الأمن الخاص يجرون العربات ويقدمون المساعدات والخدمات داخل مستشفى المهزلة وبالصدفة أحيانا يبدو احد الأطباء وممرضين وممرضات كأشباح يتناوبون على هذه الأجنحة والأقسام وكلهم منهارون عصبيا متعبون عضليا قلما يملكون ملكات القيام برسالتهم الإنسانية أو يجدون لديهم استعدادا لتقبل أوجاع المتوجعين وألام المتألمين وشكاوى المواطنين.
فإذا كان الأستاذ والطبيب الحسين الوردي وزير الصحة الرجل المناسب في المكان المناسب دون منازع بشهادة الجميع وليس ثم من ينكر ما يقوم به من إصلاح في هذا القطاع الذي يعتبر من القطاعات الأساسية ومن الدعامات التي تستند عليها الدولة قد يكون السيد الوزير الرجل الأول في هذه الحكومة التي نسجل أعماله في سجل حسناته بمداد الفخر والاعتزاز لكن ونظرا لانشغالاته المتعددة على مستوى الوطن فإننا نلتمس منه أن يخصص لهذا المستشفى المهزلة بعض وقته ويوليه قليلا من عنايته ورعايته عله يعيد لسكان هذا الإقليم بعض الأمل والإحساس بمواطنتهم وبعض ثقتهم بمستشفى إقليمهم الذي يحتوي على أكثر من مائتي ألف نسمة ومدينتهم التي تحتوي وحدها على أكثر من مائة وعشرين ألف نسمة وهي لا تتوفر على أي مرفق صحي خاص قد يخفف الثقل عنه ويكون ملاذا لا مفر منه لمن حكم عليهم من مرضى وجرحى بضرورة تحول معظمهم إلى مستشفى الفارابي بوجدة الذي يبعد بأكثر من مائة كيلومتر ومع قلة في سيارات الإسعاف قد تزهق أرواح الكثيرين كما تزهق قبل الوصول أرواح الأكثرين