بقلم : كـ . أ
مند فترة ليست بالقصيرة ونحن نسمع بين الحين والأخر خطابات يلقيها بعض المسئولين وأصحاب القرار و الحل والعقد بمدينة تاوريرت سواء باجتماعاتهم ولقاءاتهم أو عبر جرائدهم وألسنتهم الإعلامية وان كانت مثل هذه المبادرات وهذه اللقاءات تعد شحيحة بالمقارنة مع مدن جارة لتاوريرت . فما من لحظة تمر وما من لقاء يكون لهم مع المواطنين إلا و يتحدثون عن اقتراب موعد مباشرة حملة من الإصلاحات التي ستعم مدينة تاوريرت والتي ستجعل منها مدينة لها شأنها بين مدن المملكة . اسطوانة ولحن قديم سئمت أداننا من سماعه المتكرر في حين أن الحال هو الحال باق على ما هو عليه وكما عهدناه مند سنوات بل على العكس ربما قد زاد ترديا عما كان عليه سابقا .
– طرقات محفرة و متأكلة يشتكي منها الجميع سائقين ومارة إضافة إلى أرصفة لم يتم إنهاء الأشغال بها .
– مشاريع معلقة لم تستأنف أشغالها بعد وبعضها متوقف لأسباب مجهولة لم يصرح بها .
– قنوات صرف صحي ليست في المستوى وهي تهدد صحة المواطن لما تحتويه من جراثيم ومكروبات .
– مشكل التعمير الغير مقنن والدي يعرف انتشارا كبير لظاهرة الترامي على الملك العام وإنشاء التجزئات السرية . وتمركز بقع أرضية كبيرة ذات مواقع إستراتيجية بالمدينة في أيدي بعض الأشخاص النافدين بالإقليم الذين وصل بهم الحد مؤخرا إلى اجتثاث ما يقارب 165 شجرة ليلا لتهيئة مساحة أرضية لنهب والاستغلال اللاقانوني دون إعارة أي اهتمام لسلطات المحلية .
– مشكل النقل الحضري الذي لازالت الساكنة تنظم وقفات احتجاجية للمطالبة به ليحل ازمتها مع التنقل .
– مشكل النظافة العمومية التي تقتصر على بعض الشوارع فقط و تهمل جوانب أخرى من المدينة .
– قناة تصفية تنبعث منها رائحة تزكم الأنوف يصل مداها في كثير من الأحيان إلى منتصف المدينة .
تلكم هي مدينة تاوريرت التي لا يتم فيها الحديث عن الإصلاحات وإنشاء بنياتها التحتية إلا مع اقتراب فترة الانتخابات أو خلال دورات المجلس البلدي أو عند اشتعال فتيل الاحتجاجات والإضرابات ، أنداك يبدأ كل من يرى من نفسه مسئولا ويشك أنا أصابع الاتهام ستتجه نحوه فيبادر باتهام الطرف الأخر وتحميله المسؤولية في الاستيلاء على أموال المدينة وانتهاك حقوقها .
لقد سئم سكان تاوريرت من مثل هذه الصراعات الروتينية التي تخوضها الأطراف السياسية بالمدينة فيما بينها والتي هي ربما من الحيل والمكائد و الذكاء السياسي الذي يبرعون فيه لتمويه المواطن وغسل دماغه . إنها لعبة سياسية ديماغوجية قدرة لا يستفيد منها المواطن التاوريرتي الضعيف ولا يحصد منها إلا مزيدا من الجوع والفقر والقهر والبطالة وانعدام ابسط الحقوق … فإذا كان الإصلاح حسب ما هو متعارف عليه ينطلق من توفير ( البنية التحتية ، الصحة ، النظافة ، قنوات الصرف الصحي ، تعبيد الطرق ، إنشاء المساحات الخضراء ، توفير فرص الشغل لشباب …. )
و إذا كانت صورة تاوريرت قاتمة ولا تتوفر عن أي صفة من صفات الإصلاح تلك . إذن فعن أي إصلاح يتحدثون ساسة إقليم تاوريرت المحترمين ؟
– هل يتحدثون عن تطبيق فقرات وبنود الدستور التي تخول للمواطن حق العيش بكرامة ؟ أكيد لا . لأننا لا زلنا نرى إلا تفشي قوى السلب والنهب واغتصاب المواطن التاوريرتي في ابسط حقوقه ترامي على الملك العام حدث ولا حرج ، عصبية قبلية بادية من ما تعرفه الاداراة من سيطرة واضحة لأسماء وألقاب بعض العائلات النافذة بالإقليم والدين درسوا بنفس المؤسسات التعليمية ولنفس المقررات الدراسية المغربية إلا أننا نقف حائرين كيف تمكنوا من الحصول على فرص العمل بأسرع من لمح البصر ، وهم لم يتذوقوا طعم البطالة ولو ليوم واحد حتى يحسوا بالألم الذي يتكبده ويعانيه أبناء الشعب الدين هم في أمس الحاجة للعمل من اجل رغيف العيش و إعالة أسرهم وضمان مستقبلهم . لا نعلم على أي معايير تم الاعتماد في تعيينهم بتلك المناصب .
– هل المساواة في حصول بعض الأفراد على مساحات شاسعة بطرق ملتوية وأساليب غير شرعية مقارنة مع المواطن البسيط الضعيف الذي استسلم للواقع المرير وتطبع المسكين على المهانة والذل وكيف حياته مع الفاقة والفقر و لا يمتلك حتى رقعة ارض لبناء كوخ يأويه من لفحات البرد … هل داك هو الإصلاح الذي يتحدثون عنه .
– هل التستر على المفسدين والوقوف عائقا أمام تنفيذ الأحكام على ناهبي الأراضي والمال العام والتردد في اتخاذ القرارات الصارمة في حقهم ؟ هل هذا هو الإصلاح الذي يتحدثون عنه ؟.
– هل توزيع البؤس والحرمان على العائلات الفقيرة وتوزيع النعيم والغنى والترف على العائلات الأخرى وإغراقها في الثراء الفادح . هل داك هو الإصلاح الذي يتحدثون عنه ؟
إن هذا ليس إصلاحا وإنما هو مصادرة لحقوق المواطن التاوريرتي ، انه إمعان في الفساد .
إذا كانوا يظنون أن المواطن التاوريرتي سيبقى قابعا جامدا لن يتزحزح من مكانه فهم خاطئون .
و إذا كانوا يحسبون أنفسهم لا زالوا يعيشون مع الجيل السابق الذي تمكنوا من غسل دماغه وملئه بالشعارات الفارغة والترهات الكاذبة فهم خاطئون . فليعلموا أن عصر استعمال اسطوانة الإصلاح من اجل استمالة الأذان و تهدئة غضب الساكنة واستيائها لم تعد ورقة رابحة كما كانت سابقا يحافظون بواسطتها على مسافة الأمان بينهم وبين المواطن . لان مطلب الإصلاح بمدينة تاوريرت اليوم وبعد طول انتظار قد اختمر وبات لا يطيق مزيدا من السكوت عن الحقوق المسلوبة والمنهوبة وأصبح الخيار الذي يفرض نفسه بقوة على الميدان من خلال الأشكال الاحتجاجية التي تعرفها الساحة التاوريرتية ومناقشات المثقفين بالمقاهي والتجار والحرفيين بالأسواق والعمال والصناع بالورش هو أن لا تتم عملية الإصلاح إلا من الجذور . والقضاء على المشاكل المستفحلة بالمدينة لن يكون إلا بالقضاء عليها في مهدها .
إن سكان مدينة تاوريرت بكافة تلاوينهم وأصنافهم أميين ومثقفين ، موظفين وعاطلين ، عمال وفلاحين ، نساءا ورجالا ، لم تعود لهم ثقة بعد اليوم في قدرات المسئولين والساهرين على الشأن المحلي لتقديم إدارة وتسيير في مستوى تطلعاتهم . إن لفظ إصلاح والنطق به في الخطابات واللقاءات لم يعد كافيا لديهم . واليوم بات يتعين على المسئولين الاعتراف بالواقع ووضع قاطرة الإصلاح والإقلاع على السكة الصحيحة وإلا فان القطار سينحرف عن مساره لا محال ولا نعلم ما حجم الكارثة التي قد يسببها .
إن سكان مدينة تاوريرت لا يطالبون بتحقيق معجزة كبقرة بني إسرائيل أو مائدة من السماء وإنما مطالبهم بسيطة ومشروعة تكمن في تطبيق سيادة أفضل للقانون ومعاملة منصفة قوامها العدل والمساواة في الحقوق والواجبات ، يطالبون باستصلاح الأراضي و إعطاء الانطلاقة للأوراش المبرمجة و فتح المشاريع المجمدة لتشغيل الشباب العاطل وتحقيق الإقلاع الاقتصادي بالإقليم . و طبعا لن يكون ذلك أيضا إلا بالعمل على المصالحة وتوطيد العلاقة مع أعيان المدينة الذين تم تهميشهم ممن لهم اطلاع على تاريخ المدينة ولهم خبرة ودراية تؤهلهم للأخذ بآرائهم واستشاراتهم لحل مشاكل المدينة . و الدنو من فئات المجتمع المدني من المثقفين والسياسيين القدامى والدكاترة والمحامين والأطباء وكافة إطارات و كفاءات المدينة . فكما قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : “ اضرب بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب ” .