بقلم : الخضير قدوري 

الخضير قدوري

 

التقرقيب التشرميل التشمكير وغيره من المصطلحات الغريبة لممارسات دنيئة أصبح يتباهى بها بعض شباب المغرب ويفتخر وكأنه قد أتى بمخترعات علمية خارقة وأفكار ومعارف نافذة في مجالات التدبير والطب والاقتصاد والاجتماع ينافس بها نظيره في الصين واليابان  مصطلحات لممارسات حقيرة لا أخلاقية هدامة تنبعث عن أفكار من العار أن تنسب إلى  أجناس بشرية وآدمية تضفي على أصحابها مواصفات لا إنسانية .

     إذا كان هذا الناجم عن حرية لا منتهية وحقوق إنسان غير مفهومة  فهو التسيب بكل معنى الكلمة قد يلغي بمعناه  الأمن والسلم ويجرد الدولة من قوانينها المنظمة ويفرغ المجتمع من ضوابطه المحكمة باعتبارها آليات وأدوات تضمن حرية الفرد والجماعة وتكفل الأمن والسلم للوطن والمجتمع إذ لم يعد لرجل الأمن دوره في المجتمع و للقضاء هيبته في البلد و للسجن وسيلته في الردع معناه أن دواليب الدولة قد بدأت في التفكك وقيم الأمة في الانحلال .

     حق أي إنسان على الأخر يجب أن ينزع أو يؤخذ بقوة القانون وواجب الدولة أن تكرس حماية القانون حتى يخضع له كل إنسان وليس اعتداء الناس الأقوياء على غيرهم الضعفاء بأي نوع من القوة والسلطة ليضع هذا القانون في موقف محرج دون أن تحرك الدولة ساكنا أو تغير منكرا أو تستعمل أداة من أدواتها في وجه مستغلي المفهوم الخاطئ لحقوق الإنسان عن أية حقوق يتحدثون وعن أي إنسان يتكلمون ما رأينا هناك حيوانا يعتدي على هذا الإنسان تطلب الأمر حمايته  حتى لو كان هذا القوي حيوانا محصنا بقانون الرفق به وجب بمقابله تفعيل حقوق الإنسان على هذا الحيوان ولكن حينما يعتدي الإنسان القوي على الإنسان الضعيف فيلقي في وجه القانون الرادع بشعار حقوق الإنسان وكأن المعتدى عليه نوعا من الحيوان وجدت في الأمر عين الظلم والتسيب .

 أليس من حق العصافير أن تحوم في أجواء الصقور وليس من حق الأرانب أن تسكن غابة النمور وليس من حق الإنسان العازل أن يسير لوحده في شارع المسلحين وليس من حق المظلوم أن يصرخ على الأقل في وجه الظالم  الم يكن هذا الوضع يؤدي بنا إلى عهود السيبة والتسيب  الذي فرض من قبل على المستضعفين في أرضهم  طلب الحماية من غيرهم ومن ثم فتح الباب للاستعمار وقد استقبلوه بالأحضان مستعينينه على حضر قانون الغاب .

    ها إننا قد عدنا ويأبى التاريخ إلا أن يعيد نفسه ويذكرنا بزمن السيبة حينما كان الإنسان لا يتقن مهنة تكسبه قوت الحلال إلا أن يحمل سيفه ويعترض سبيل غيره فيفتك به ليسلبه ماله أو ينزع منه رغيفه ليطعمه أبناءه فيحيا ويموت الآخرون عدنا إلى زمن الصعاليك وقطاع الطرق ومحترفو الإغارة على مضارب الأقليات في القرى والهجوم على الأحياء في  أطراف المدن للنهب والسلب ثم إلغاء دولة الحق والقانون ففي غياب الأمن الذي يهدد بعدم الاستقرار والاطمئنان أصبح الوضع يفرض على المرء امتلاك السلاح بطرق قانونية أو غير قانونية وتكوين عصابات من اجل حماية النفس  ورد الاعتداء عن الممتلكات والعوائل في غياب دوريات الأمن وفي ظل تغييب القوانين الرادعة .

     وإذا كان العدل أساس الملك والأمن والاستقرار قاعدة الدولة وإنزال القوانين الرادعة من صفات الأنظمة القوية وهذا مما لاشك فيه ، فبتصدع هذه الأسس واهتزاز هذه القواعد ينفلت عقد كل القوانين ثم تنهار الدولة  حيث ستقوم على أنقاضها دولة أخرى يحكمها العرف والتسيب وقانون الغاب الذي بدأت بوادره مع المفهوم الجديد لحقوق الإنسان الذي يعزز عزائم المتشرملين والمتقرقبين والمتشمكرين واللصوص والمجرمين الذين لا تنتهي حريتهم عند بداية حرية الآخرين لا يا سادة يا سياسيين ويا مسئولين ويا حقوقيين فالحقوق والواجبات تضمنها وتفرضها القوا نين  في هذا الوطن الذي هو موطن كل المغاربة لا فضل فيه لمواطن على مواطن  إلا  بحبه للوطن  واحترامه للقوانين