بقلم : الخضير قدوري
وجدت فيما يريده صاحب الجلالة بكلامه التذكير لما ورد في رسالته في الموضوع الموجهة إلى وزيره الأول سنة 2002 المشار إليها في خطابه الأخير بعد أربعة عشر سنة مرت عن إصدار هذه الرسالة وقد أكد صاحب الجلالة بصريح العبارة ان ما ورد فيها من تعليماته السامية مازالت حبرا على ورق وحتى لايبقى كلامه ايضا كلام ليل يمحوه الصباح يحس المتتبع لهذا الخطاب والممعن فيما وراء سطوره ان المنتظر من بعد هذا التذكير ليس تنفيذ التعليمات وإنما رصد حال غضبة عاصفية قد تطيح بالبواسق واللواصق وربما لم يبق هناك متسع من الوقت للحيطة والحذر
بالفعل فان الفساد قد توغل في عمق إدارتنا الى حد أصبح إصلاح مفاسدها من سابع المستحيلات لقد تعفن هذا الورم الخبيث الى حد لم تعد الحمية ولا الوقاية تفيد هذا الجسم الى ان أصبحت كل العلاجات مجرد مسكنات ومهدئات لا تؤدي الى شفائه مما جعل استعمال المباضع ضروريا لإجراء عمليات جراحية لاستئصال هذا الورم الخبيث وتنقية الجسم الإداري من رواسبه
وكلمة صاحب الجلالة بالمناسبة لها دلالات ومعاني كثيرة ورسائل موجهة بالأساس الى مجالس الحكومة الآتية والى البرلمان بغرفتيه والمنتخبين ومن بعدهم بعض الموظفين الذين لديهم من القوانين المتناقضة والمساطر المعقدة والمراسيم المتلاحقة ما يبرر فسادهم ويغطي عن مفاسدهم باسم السلطة التقديرية المسموح باستعمالها لمصلحتهم او لفائدة المواطنين دون غض النظر عن الأشباح الغائبون وأشباه الأشباح المتغيبون والمتنصلون من وزراتهم المعلقة على الكراسي وراء المكاتب بعد الأبواب المفتوحة إدارتنا معطلة وآلياتها متهالكة وأدواتها مهترئة لم يبق لها في أسواق المتلاشيات قطع غيار بدائل من اجل إعادة إقلاعها من جديد إلا أن تستبدل كل هذه القطع بقطع جديدة ذلك ما أشار إليه صاحب الجلالة في قوله
” إن إصلاح الإدارة يتطلب تغيير السلوكات والعقليات ، وجودة التشريعات ، من أجل مرفق إداري عمومي فعال ، في خدمة المواطن . فالوضع الحالي ، يتطلب إعطاء عناية خاصة ، لتكوين وتأهيل الموظفين ، الحلقة الأساسية في علاقة المواطن بالإدارة ، وتمكينهم من فضاء ملائم للعمل ، مع استعمال آليات التحفيز والمحاسبة والعقاب “
وجدت مفهوم الإصلاح في اعتقادي كغيث صاف ينزل بتربة طيبة فيثمر أمنا وأمانا واستقرارا او كمطر وابل بتربة فاسدة فيجرف ما عليها ويولد الحقد والشر والانتقام قد يقال اذا فسدت الأمة فمن الحكومة وليس العكس الا ان هذه الحكومة مكون نخبوي حزبي منبثق عن مجالس منتخبة من يجب ان تصدر قوانين محددة تواكب التطورات الديمقراطية وتنتج تشريعات تلائم الأوضاع الاجتماعية وتصدر مساطر مبسطة تخدم مصالح المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتبدع ضوابط لتوفير الأمن وضمان الاستقرار وتراعي الحقوق والواجبات فهل تكون هذه الحكومة وهذه المجالس التشريعية في مستوى الخطا ب لتنتج تشريعات وقوانين وتخلق ادوات وتصنع اليات تساعد على الاقلاع اذاك يمكن اختيار طاقم لقيادة هذا الركب ووضع الانسان المناسب في المكان المناسب مع المراقبة الدائمة والمحاسبة الصارمة بذلك تستبعد كل الشبهات من درء المبررات
وإلا كيف يمكن محاسبة او معاقبة موظف يتمسك بحرفية القانون وبإلزامية تطبيق المساطر واحترام تعليمات الرئيس وأوامر المدير والمسئول هؤلاء وحدهم من يمكنهم التصرف وفق السلطة التقديرية المسموح بها وحينما سنتكلم على إصلاح الإدارة ينبغي ان نستحضر بالكلام هذه الآليات والأدوات وحينما سنتحدث على تخليق الإداري يجب ان نتناول بالحديث الكفاءة والسلوك ولمن يجب ان تسند الأمور حتى يبقى الإنسان المناسب في المكان المناسب خاضعا للحساب والعقاب وفق مبدأ ربط المسئولية بالمحاسبة وقبل ان يتهم الموظف بالارتشاء والتهاون فان الثغرات القانونية هي التي تسمح له بممارسة الشطط في استعمال السلطة ضد المواطنين فتنعكس سلبا على السير العادي للإدارة المغربية اذكر على سبيل المثال لا الحصر مدونة الأسرة التي قلما تواكب التطور الاجتماعي المغربي اقتصاديا و ثقافيا او تلائم التقليد والعرف الأسري فان كانت هذه المدونة قد جاءت من اجل صيانة الأسرة وحفظ حقوق المرأة والطفل فالواقع قد اثبت العكس حيث ارتفعت نسبة الطلاق والتطليق وتفشت العنوسة في صفوف النساء والرجال الى أرقام خيالية وتفككت الأسر وتشرد الأطفال بنسب عالية بذلك تكون مدونة الأسرة لم تصب هدفها في المجتمع المغربي المتشبع بروح التشريع الإسلامي منها الى مدونة السير المستوردة لم تكن هي الاخرى تحاكي الوضع الجغرافي والطرقي او تلامس السلوك وطبيعة العقل الإنسان المغربي او تتوافق مع التكوين المهني للسائق ما يجعلها هي الأخرى تبقى من الأدوات الزجرية التي لم تغير من الوضع او تحد من حوادث السير على الطرقات الوطنية القاتلة والسيارة الغير المحروسة وما زادت للمواطنين إلا مزيدا من المتاعب الاقتصادية وتضييقا في العيش من طرف بعض رجال الامن والدرك وما نجم عن ذلك من فضائح شغلت الصحف الوطنية والهبت المواقع الاليكترونية ومراكز التواصل الاجتماعية
فإذا كان المنتظر من الجهوية على غرار نظيراتها في شمال المتوسط التقليل نوعا ما من متاعب المواطنين والتقليص من همومهم المرتبطة بمعيشهم اليومي باعتباره الخط الأحمر الذي لا يقبل التطاول وحق من حقوق الإنسان المضمونة بقوة القانون فيما ينبغي لهذه الجهوية ان تشرع وتقنن انطلاقا من الوضع الاجتماعي لسكان الجهة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا في أطار تكامل مع كل الجهات الاخرى بما يرضي المواطن المغربي بصفة عامة ويجعله عبد ضميره وسيد نفسه قبل غيره على العموم ودون إطالة لقد وجدت في خطاب صاحب الجلالة ما يتطابق مع خطبة نبينا ” صلعم ” عندما نهى عن ضرب النساء بقوله «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ»، فجاء عُمَرُ -رضي الله عنه- إِلَى رسولِ الله -ﷺ- فشكا إليه تمرد النساء على أزواجهن فرخَّص النبي -ﷺ- في الضرب وقد ضربت تلك الليلة عدة نساء اصبحن بباب بيت النبي يشكون ازواجهن ثم انه جمع صحابته وقال لهم: «لَقَدْ أطَافَ بِآلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أولَئكَ بخيَارِكُم (رواه أبو داود في سننه