عزالدين قدوري :
ساعات قليلة تفصلنا عن إجراء ثاني انتخابات تشريعية بعد دستور 2011 . فبعد مرور أسبوع من الحملات الانتخابية والخطابات السياسية التي عرفت منافسة شرسة بين مختلف الأحزاب وأهمها حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة اللذان يبدوان مهيمنان على المشهد السياسي المغربي .
إن هده الانتخابات تشكل مرحلة مفصلية في المغرب بحيث سيحدد من خلالها ميول الإرادة الشعبية إلى إحدى الكفتين اللتين سيتم على أساسهما رسم الخارطة السياسية لسنوات المقبلة ، فإما يكون التوجه نحو الاستمرار مع حزب العدالة والتنمية وسياساته أو التوجه نحو التغيير مع حزب الأصالة والمعاصرة .
فبعد القيام باستقراء المؤشرات السياسية، يظهر أن هناك بوادر تشكل ثنائية قطبية يقودها حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة .
حزب العدالة والتنمية هو حزب موجود في السلطة منذ خمس سنوات وقد نجح وفقاً لنتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في انتزاع إدارة شؤون أهم المدن الرئيسة مثل الدار البيضاء، فاس ، مراكش، الرباط ، ومكناس . لذلك فهو يعتبر هده المحطة رهانا مصيريا يجب الفوز به من أجل إكمال ما يسميه الإصلاحات التي دشنها في الولاية الحالية وتقييم نتائج تدبيره الحكومي .
لكن ذلك لا يمنع من وجود صعوبات أمامه فيما يخص قضية التحالفات إذ لا يمكن أن تستمر الأغلبية الحكومية الحالية بسبب الانشقاقات التي وقعت هذا بالإضافة إلى عدم حصول حزب العدالة على دعم صريح من الأحزاب الحليفة عدا حزب التقدم والاشتراكية والذي عبر أعضاؤه عن عدم امتناعهم في المشاركة في التحالف الحكومي المقبل إذا فاز “العدالة والتنمية” في الانتخابات.
حزب الأصالة والمعاصرة بالإضافة إلى دعم الناخبين الذين يعيشون في المناطق الريفية لهدا الحزب فقد أصبح القوة السياسية الثانية في المغرب، وقد برزت هذه القوة خصوصاً على المستوى الجهوي حيث فاز برئاسة خمس جهات، في حين أنّ حزب العدالة والتنمية تمكّن من الحصول على جهتين فقط .
ومن هنا يعدّ الأصالة والمعاصرة منافساً كبيرا للحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية و هو يمثل الاحتمال الثاني الوارد لضفر بالمرتبة الأولى في الانتخابات. وإذا نجح هذا الاحتمال فان خارطة التحالفات ستكون مغايرة تماما للحالية خصوصا وانه يضع التحالف مع العدالة والتنمية كخط احمر . وفي المقابل إذا حصل الأصالة والمعاصرة على عدد كبير من المقاعد سيكون تحالفه مع أحزاب معارضة للعدالة والتنمية مثل الاتحاد الاشتراكي ، التجمع الوطني للأحرار ، الاتحاد الدستوري ، وعدد كبير من الأحزاب السياسية التي ستصل إلى البرلمان بفضل معدل العتبة .
كل هدا يبين أن حزب الأصالة والمعاصرة له أيضا حضوضا كبيرة للفوز في الانتخابات الحالية . لكن إلى جانب كل هذه الاحتمالات والفرضيات يبقى من الضروري الإشارة إلى أن ضمن هذا السيناريو يعد إشراك حزب الاستقلال أمرا ممكنا أيضا، لأن تجنب البقاء في المعارضة يجعل الحزب متاحا لأي تحالف حكومي بغض النظر عمن يقوده وهنا يمكن القول أن موقف حزب الاستقلال وقراره يمكن أن يقلب المشهد رأسا على عقب في أي لحظة.