تاوريرت بريس :
أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني أن المغرب اختار اليوم، من خلال عودته إلى الاتحاد الإفريقي، طريقا جديدا يتمثل في الدفاع عن مصالحه
و ذلك بمساندة أصدقائه الأفارقة من قلب الاتحاد وليس من خارجه. حيث اعتبر الأستاذ الحسيني، في تصريح له، تعليقا على الرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى القمة ال27 للاتحاد الإفريقي، التي تنعقد بالعاصمة الرواندية (كيغالي) أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تشكل نوعا من الاختيار القوي على أساس أن المغرب أصبح إفريقيا أكثر مما كان عليه في الماضي، سواء من خلال علاقاته الثنائية مع بلدان إفريقيا أو التجمعات الجهوية، سواء مع إفريقيا الغربية أو مع إفريقيا الوسطى أو في إطار اتحاد المغرب العربي، أو حتى من خلال الدفاع عن إفريقيا في المنتديات الدولية.واستحضر، في هذا السياق، مؤتمر المناخ (كوب 22) الذي سينعقد في نونبر المقبل بمراكش برئاسة المغرب، والذي سيكون فرصة ليدافع المغرب بقوة عن البلدان الإفريقية التي هي أكبر متضرر اليوم من مشاكل البيئة في المجتمع الدولي.وبعدما استعرض السياق التاريخي والسياسي لانسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، أوضح الأستاذ الحسيني أن البلدان التي كانت تعترف سابقا بالبوليساريو قد تراجع عددها إذ انتقل من 26 دولة اعترفت بها في اليوم الأول إلى أقل من عشر دول فقط، وبالتالي هناك حظوظ كبيرة كي يستطيع المغرب من داخل الاتحاد الإفريقي أن يغير موازين القوى، خاصة أن الأمم المتحدة أصبحت اليوم تأخذ بعين الاعتبار المواقف التي يعبر عنها الاتحاد الإفريقي من خلال مفوضيته داخل المنظمة، موضحا أن المغرب أصبح يدرك هذه التحديات والرهانات وبالتالي عبر عن هذا الموقف الواضح.وسجل أن المستقبل سوف يبقى مليئا بالرهانات والتحديات التي على المغرب أن يربحها كيف ما كان الحال، مشددا على أن هناك علامات إيجابية أصبحت تظهر في الأفق، فروندا، التي تستضيف مؤتمر القمة الإفريقي كان رئيسها في زيارة للمغرب وقررت أن تجمد علاقاتها مع الجمهورية المزعومة، وزمبابوي كذلك سحبت اعترافها، وهناك محادثات جدية مع إثيوبيا في هذا الاتجاه.وأكد أن المغرب عليه أن يركز اليوم على الدول المحورية في قلب القارة التي يمكنها أن تلعب دورا أساسيا بهذا الخصوص، ويتعلق الأمر بنيجريا وجنوب إفريقيا، ملاحظا أن المغرب لأول مرة ينفتح على المجموعة الأنغلوفونية في شرق إفريقيا.وأشار إلى أن هذا الانفتاح يسير قدما مع العلاقات الجديدة مع بلدان كروندا ودول أخرى بشرق إفريقيا وهذه بادرة خير بالنسبة لاكتساح قوي للمغرب لقلب إفريقيا، خاصة وأن الأفارقة أصبحوا اليوم يدركون أن التحديات ليست ذات طبيعة إيديولوجية أو صراعات سياسية، بل هي مسألة التنمية، والمغرب يشكل اليوم بالنسبة لبلدان أوربا وشمال أوربا خاصة، والولايات المتحدة والصين منصة استراتيجية للتواصل مع بلدان القارة الإفريقية.وأبرز، في هذا السياق، أن الاستثمارات المغربية أصبحت من الأهمية بما كان والأبناك المغربية والمؤسسات العمومية والمقاولات الخاصة تشتغل بقوة في البلدان الإفريقية، والجميع يدرك هذا التطور المهم، مضيفا أن الأفارقة يدركون أن المغرب سيكون أكبر مدافع عن مصالحهم في مؤتمر المناخ الذي سينعقد بمراكش بعد بضعة أشهر.وخلص الأستاذ الحسيني إلى أن لغة المصالح الاقتصادية ولغة التنمية المستدامة ولغة الحفاظ على بناء مستقبل أفضل لأبناء القارة هي التي ينبغي أن تسيطر في التواصل مع البلدان الإفريقية مستقبلا.