بقلم :الخضير قدوري
كلمة لابد منها أهمسها في ادن من قد يعي ،وأطلقها صرخة مدوية في وجه من لا يعي ،لحظة تواجد قدرها ينضج على جمر الانتخابات التشريعية المقبلة، وفي كواليس لياليها يتم انتقاء الممثلين من بين الراغبين للمشاركة في هده المسرحية ،وبداخل غرف أحزابها المغلقة تشتد الصراعات العنيفة حول تقسيم التزكيات وتوزيع المناصب الافتراضية . مرحلة موسمية حاسمة قد تنجم عنها ولادات قيصرية بعد مخاض مضني حيث سيدفع بعد دلك بكل المواليد الى المحضنة البرلمانية دون فحوصات اللهم بعض الرتوشات الخفيفة و اللمسات الطفيفة طالما تضفي على واجهة مشهدنا السياسي طلاءا قد يبوخ ما بين عشية او ضحاها ، وأن كانت كل هده التحولات لا تحدث أي تغيير على جوهر نص هده المسرحية الهزلية ، كما تبدو للمشاهد عندما يرتفع الستار عن أشخاصها وينكشف القناع عن وجوهها بعد ألأشهر القليلة الآتية ، التي يسبقها هدوء وسكينة يفرضهما شهر الرحمة والمغفرة . مباشرة بعد صلاة العيد قد تبدأ الحركة والتجمعات مع تبادل الزيارات والتهاني وتسخين المحركات ، عندئذ ستعرض على المتفرج التاوريرتي كغيره من المتفرجين في المغرب عموما فصول هده المسرحية ليرو كيف سيتفاعلون مع فصولها ،وكيف سيعبر كل واحد منهم عن رأيه فيقول في حقها كلمته الأخيرة ،ومن ثم إصدارهم الحكم على جودة النص او رداءته ،ومدى توفق الأشخاص او فشلهم في أداء الأدوار المنيطة بهم .ترى هل سيرقى فهم هدا الشعب عامة الى هدا الرقي ؟ وسيستقر رأيه عند هدا المستوى من الوعي ،فيستقيم حكمه على الوضع السائد ،قد تستبعد كل المؤشرات ميله نحو الصواب ورغبته في تحاشي الوقوع في أخطاء الماضي ، و لعل مؤثرات هدا الأخير ستجعله هده المرة يخالف المألوف فيكفر الى حد ما عما سلف
لكن ما يشتم من رائحة هده الطبخة العجيبة بالنسبة لمدينتنا قد لا يثير شهية النهم لدى المتعطشين للتغيير، حيث ان ما يدور في الكواليس شيء مخز ومخجل حقا ولا يبعث على التفاؤل ، فان كان النص المسرحي أصلا هو هزلي في حد ذاته متعود تحويله على الخشبة الى كوميديا ،ربما قد تحدث المفاجأة مع ظهور شخوص ووجوه جديدة لا علاقة لهم بالدور المنوط بهم ولا صلة لهم بالمهمة التي قد تسند إليهم ،وإنما هم أشخاص قادرون على تحويل جوهر النص الى مشهد محزن ومبك ،خال من الإثارة الكوميدية المعهودة ، فيجسدون سخرية الزمان ولعبة الحياة على مسرح الواقع
وان كان العنصر النسوي المشارك الجديد في هده الطبخة من المفروض ان يضيف اليها نكهة خاصة ،وظهوره على الركح قد يشكل قيمة مضافة الى المسلسل الديمقراطي ، إلا أن النص المسرحي او ما يسمى بالبرنامج السياسي او الدور التمثيلي او الحزبي سوف لن يطرأ عليهم أي تغيير مهما اختلف الأداء وتعددت الشخوص وتغيرت الوجوه .كيفما كان الحال بعد العرض سيسدل باسم الديمقراطية التعددية او التعددية الديمقراطية المتحكمة بالأكثرية العددية او الأغلبية التوافقية المريضة ستارها الداكن لتخفي وراءه كل العيوب ،وتصحح باسم الحرية كل الأخطاء ،وتغفر باسم حقوق الإنسان كل الذنوب .عندئد سيصبح كل ما على السطح مجرد زبد يذهب جفاء ،وفقاقيع تتبخر في الهواء ،أما ما ينفع العباد والبلاد سيمكث في الأرض يمتص عناصره التراب
لقد تحلل صاحب الجلالة كليا مما سيترتب على هده الاستحقاقات من انعكاسات سلبية قد تنجم عن سوء الاختيار، وألقى بالمسئولية كاملة على ظهر الشعب بواسطة إحدى خطبه بمناسبة افتتاح دورة من الدورات البرلمانية، بعد ان وصل الى علمه تدمر الشعب من أداء ممثليه وسلوكا تهم وسوء تدبيرهم لشانه العام ،تحت هده القبة المكيفة التي تحبب إليهم الخلود للراحة والاستجمام والنوم والاستحمام .وحثه هدا الناخب على ضرورة حسن اختيار ممثليه بكل حرية ،وان يراعي فيهم الكفاءة والقدرة والثقافة والأهلية الكاملة ،الى جانب الشرف والنزاهة بغض النظر عن الانتماءات السياسية والو لاءات الحزبية الخالية من كل طعم لديد ودوق سليم . وقد لا يعذر بعد دلك من أساء الاختيار، ولا تقبل منه شفاعة متشفع ولا تجديه الشكوى او تنفعه الدموع ،هي رسالة ملكية واضحة ،سطورها مبينة ، لغتها مفهومة ،ناصعة بياضها ،ساطعة نورها ،ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ،او من شاء ان يتغاضى او يتعامى او يتخذ لغيرها سبيلا
قد لا يشاء دلك إلا دو أمية وعصبية ودو حمية جاهلية ،ولا يرضاها إلا فاقد وعي وعلم وثقافة سياسية،وكل راغب في تكريس الوضع القائم لغايات شخصية ، وضع قد يأباه كل من يتحرك عنده الضمير الإنساني ولا يرضاه من تنتفض بداخله الروح الوطنية . ان كان قول جلالته لا يلقى في هده المدينة او تلك أدانا مصغية ،او لا يجد في بلده لدى الأكثرية عقولا تستوعب النصح وتجيد الفهم الصحيح للديمقراطية . لعله يلقى دلك ولو نسبيا لدى غيرها في مدن أخرى قد تعدل الميزان الخاسر الى أي حد ، وفي حالة ما فعلى مغربنا السلام ولا مجال لكثرة الكلام
كيفما كان الحال سيبقى للعامل الثقافي دوره الأساسي في تشييد الصرح الديمقراطي، وصناعة الكائن البشري، ومن ثم إعداده إعدادا صالحا لبناء مجتمع راق ،في بلد كهدا البلد الذي ينعم أهله في ضل نظام ملكي بنعمة الحرية والأمن ولاستقرار،كما يبقى لعامل الجهل المستشري والأمية المتفشية والتعصب الجاهلي أثرهم السلبي ثقلا على كواهل من يريدون النهوض بأعباء هدا الوطن وحصوات في أحدية من يريدون السير به قدما الى الأمام نحو مستقبل مشرق ، وخلاصة القول اني لا أرى في اعتقادي حرية تتعايش مع الفقر إلا أن تضع المسدس بيده ،كما لا أرى في ملتي ديمقراطية تستقيم مع الجهل إلا ان تقول له اضغط على زناده . ولا أرى للمرء مفرا من عدوى هده الأمراض المتفشية في مجتمعه ، إنها همسة في ادن من قد يعي وصرخة في وجه من لا يعي