بقلم : الخضير قدوري
عجيب أمر هذا البلد وأعجب منه حال عبيد البشر فيه كم من عالم عليم ومن نابغة وحكيم حكيم وكم من مواطن وطني ومن إنسان أنساني ومن وفي ومجاهد وجندي بذل نفسه فداء الوطن وفداء أبناء الوطن وكم و كم وكمكم وقد ماتوا أو قتلوا في صمت مطبق محا الزمان بفعل إنسان اسمه المكتوب بالطباشير من على لوحة سوداء كما تمحي الأمواج والرياح أثره من على الرمال .
وكم و كم من حكيم في بيته ومن بليغ في داره ومن مجاهد في سبيل أسرته ومن وطني بذل ما في وسعه من اجل بلوغ مركزه ومن زعيم ناضل من اجل موقعه دون أن تجدي حكمته وبلاغته وثقافته وعلمه تجنيب سكان الجنوب مأساة الفيضانات الجارفة التي أودت بحياة أفراد ودمرت مأوى الجماعات ولا حكمته أوجدت الحلول لمشاكل الشباب والشيب وأبعدت عنهم شبح الفقر الذي بات يقف على أعتاب بيوتهم ويتهدد حياتهم اليومية ولا استطاعت عبقريته حفظ حرمة جيوب أرباب الأسر الفقيرة وصيانة كرامة الشرفاء المتعففين ولما كان يتكلم هؤلاء يصفق المتملقون ويهتف الانتهازيون ويغالي في وصفهم الوصوليون ولما يموت هؤلاء تقوم الدنيا ولم تقعد وتتقاطر على قبورهم باقات الورود وشهادات المجاملات وتوهب لهم جوائز نوبل في النفاق السياسي يتسلم ريعها الحزب الذي ينتمي إليه الهالك الذي كان وكان و كان وفي الحقيقة لم يكن شيئا ولا كان الواقع يقر بصحة هذه الشهادات التي لا تجدي نفعا ولا حتى قطرات الدموع التي تنزلق من بعض الجفون بدوافع تختلف مضامينها وان كانت دموعا قيل أنها شبيهة بدموع التماسيح وقد اخبرنا كبير حكمائهم بوجود تماسيح بشرية في محيطهم قد تختلف كثيرا في شكلها عن التماسيح الحيوانية التي يضرب المثل بدموعها السخية ” دموع التماسيح ” كما اخبرنا كبير خبرائهم أيضا أن هناك عفاريت بشرية لا نقول إنسانية قد تختلف هي الأخرى عن العفاريت الجنية والشيطانية وهي من تأتي بأفعال قد يستعصى فهمها ويتعذر فك ألغازها رغم أنها لا تملك سوى 10 بالمائة من الذكاء الذي تواجه به 90 بالمائة من الغباء فهي تستطيع أن تجعل من النملة فيلا ومن الفار جملا كما تستطيع أن تجعل من الأسد هرا ومن الزرافة نعامة ومن هذا الشعب قطيعا وديعا يقاد ويساق إلى المذابح والمسالخ دون تردد اجل لأنهم بالفعل عفاريت تخرجوا ا من المعهد السحري وتشبعوا بعلم النفاق السياسي .
قيل عن الزايدي بعد موته انه كان حكيم حزب الاتحاد الاشتراكي وعن عبد الله باها انه كان حكيم حزب العدالة والتنمية وقيل ما لم يقال عنهما أثناء حياتهما وما سمعنا كلمة في حقهما بالأمس من مثل ما يقال عنهما اليوم هل يمكن اعتبار ما نسمعه اليوم هو شهادة زور قالها الموت في حقهما أم هو كتمان لشهادة حق أنكرتها الحياة أم كنا نحن الغاويين الذين يتبعون الهائمين في كل الوديان نصفق لما يقولون ونشيد بما لا يفعلون وكما قيل من قبلهما عن المهدي بنبركة وغيرهم ولكن كيفما كان الحال يبقى الله وحده هو المطلع على السرائر والطوايا التي سودوا بترجمتها صفحات كثير من صحفهم وسيلوا بصناعتهم حبر كثير من أقلامهم أمر لم يحدث للآخرين من النبغاء والحكماء والعلماء والخبراء والوطنيون والمجاهدون الحقيقيون الذين منهم من نسيهم الزمان في قاعة الانتظار ومن شدهم القدر على أسرة الاحتضار وكذلك من قضوا نحبهم في صمت ووريت جثامنهم في قبور شبه مهجورة أمثال المهدي المنجرة في هذا البلد وغيره في بلدان عربية أخرى .
ترى هل أصبحنا بالفعل نحيا في عالم افتراضي يحكمه النفاق وأصبح على كل من لم تطاوعه نفسه أن يحيا فيه خارج التغطية الإعلامية الحقيقية والنزيهة التي من المفروض أن تعطي لكل ذي حق حقه وان تلتزم الصدق في القول والموضوعية في التعامل مع واقع كل شخص لتقدم للتاريخ مادة غير قابلة للتشريح ولا معرضة لنقد قد يفقدها المصداقية أم ترى مازال هذا الإعلام يتعامل مع مثل هذه الأحداث بمثل ما يتعامل به كل امرئ أثناء حفل التأبين من غلو في وصف مناقب ميتهم بما هو كائن وما لم يكن و أصبح حقا أن الميت تطول قدماه بعد الموت بمعنى القول انه كان يصل رحمه ويسعى إلى فعل الخير وان لم يكن كذلك وفي التالي قد يحمل كل إنسان كتابه بيمينه أو شماله وعلى الله حسابه وليس لنا إلا ان ندعو للهالكين بالرحمة والمغفرة وندعو كل مغال إلى أن يلتزم المصداقية والموضوعية في القول والعمل .