تاوريرت بريس :

 

قبل الحديث عن الذاكرة و المراحل التاريخية لإقليم تاوريرت تقتضي الحاجة المنهجية تسليط الضوء على معنى اسم تاوريرت و دلالاته التاريخية .


أصل التسمية :

 

تاوريرت تعني التل أو الكدية ، و قد عرفت عند أبي عبد الله البكري بقوله : ” الكدية المعروفة بتاوريرت، تحت مظلة أمراء نكور ، من بني صالح بن منصور الحميري ” .
و عرفت باسم صاع نسبة إلى وادي زا ، و عرفت أيضا باسم دار الشاوي ، نسبة لعائلة الشاوي ذات التاريخ و الجذور بالإقليم ، عين سنة 1882م من طرف عبد الرحمان بن هشام .
يحتضن الشمال الشرقي للمملكة إقليم تاوريرت ، بمساحة تقدر ب: 875222 كلم مربع ، يحده من الشمال إقليما بركان و الناظور ، ومن جهة الشرق إقليما جرادة و عمالة وجدة أنجاد ، و من الغرب إقليم جرسيف ، و من الجنوب إقليما بولمان و فكيك .
وقد حباها الله بمؤهلات طبيعية كما جاء في وصفها قديما للحسن الوزان الذي قال عنها : ” إنها مدينة بناها الأفارقة على تل مرتفع قرب نهر زاغ ، تحيط بها أراض زراعية جيدة ، لكنها لا تمتد بعيدا لمحاذاتها صحراء جافة ، حيث نجد من الشمال صحراء كرط ، و من الجنوب صحراء الظهرة ، و من الشرق صحراء أنكاد ، ومن الغرب صحراء تفراطة المتاخمة لمدينة تازة .
و تتميز مدينة تاوريرت بمناخ متنوع بين شبه متوسطي و مناخ قاري .
و يزخر إقليم تاوريرت ببنية تحتية هامة في مجال تخزين المياه ، حيث يتوفر على موارد المياه السطحية و الهيدرومائية المتمثلة في السدود التالية :
سد مشرع حمادي الذي يعود تشييده إلى سنة 1956 على ضفاف نهر ملوية و يبلغ حجم حقينته العادي 08مليون متر مكعب
سد محمد الخامس : شيد سنة 1967 و مساحة حوضه المائي تقدر ب50كلمتر مربع اما الحجم العادي لحقينته فيصل الى 411 مليون متر مكعب و هو بذلك يعتبر اكبر خزان تتوفر عليه المنطقة الشرقية
سد الحسن الثاني والدي كان يسمى سابقا سد الغراس و الذي اشرف على تدشينه صاحب الجلالة محمد السادس وأطلق عليه سد الحسن الثاني و هو يوجد على بعد 40 كلم من مدينة تاوريرت بمساحة 17400 كلم مربع اما الحجم لحقينته فيقدر ب 209 مليون متر مكعب
هذه السدود الثلاثة تشكل مجموعها مجمعا مائيا هاما للإقليم و يعتبر أداة فعالة للري و تنشيط الفلاحة بالمنطقة و تزويد مدينة وجدة و العيون و تاوريرت بالماء الصالح للشرب .
و يعتبر النشاط الفلاحي باقليم تاوريرت ثمرة من ثمار التعدد المناخي ، إذ قسم المختصون الأراضي الفلاحية الى :
-أراضي بورية تشغل مساحة 116864 هكتار و هي غالبا ذات اهتمام بالحبوب
– أراضي سقوية تحتل مساحتها 8000 و هي تستغل لزراعة الأشجار التي يعتبر الزيتون واللوز و المشمش من أهمها ، ويشكل الزيتون 94 بالمئة من المساحة المغروسة بإقليم تاوريرت ، مما يجعله من أغنى مناطق الجهة الشرقية بهذا المنتوج و تعد منطقة بني كولال و عين الحجر و القطيطير و ملقى الويدان و مستكمار و تانشرفي و سيدي علي بلقاسم و مشرع حمادي من أهم مناطق الإقليم في زراعة الزيتون
و نظرا لارتباط الصناعة الغدائية بالقطاع الفلاحي فان اقليم تاوريرت يتوفر على حوالي 70 وحدة انتاجية اهمها معمل لتصبير و معالجة الزيتون و المشمش ، ومعمل عصري لتصبير السمك ، وللاشارة فان محصول هذين المعملين الذي لا يتوقف على مدار السنة يوجه في جله الى الخارج و خاصة الاسواق الاوروبية .
و تحتل مدينة تاوريرت على المستوى الاداري اهمية سنركز فيها فقط على عهد الدولة العلوية فعند قيام الدولة العلوية عادت الانظار تتجه نحو مدينة تاوريرت ، فقد قام المولى اسماعيل بتجديد حن تاوريرت القصبة القديمة التي بناها يوسف بن عبد الحق المرينيسنة 695 هـ و جدد بناءها السلطان ابو سعيد من نفس السنة و بذلك استعادت تاوريرت مكانتها كاحدى اهم المحطات في المغرب الشرقي .
وعملية التجديد هاته جرت بعد عودة السلطان المولى اسماعيل من حملة عسكرية كان قد خاضها ، وانزل المولى اسماعيل بالقلعة مائة فارس بعيالهم واولادهم و ولى عليهم القائد منصور و انتعشت قلعة تاوريرت من جديد بعد ان كانت اطلالا مند العهد المريني ، ولا شك ان هذا القرار قد املته شروط استتباب الامن و تأمين تجارة القوافل من خلال القصبات المتعدد التي انشأها المولى اسماعيل في المناطق الحساسة مثل تاوريرت والعيون و مسون لتشكيل قوة قادرة على التدخل السريع في حالة الطوارئ .
ولا يمكن ان ننهي سرد المحطات التاريخية والمؤهلات الجغرافية التي يتمتع بها اقليم تاوريرت دون الاشارة الى مرحلة مهمة من تاريخ الاقليم و يتعلق الامر بالمقاومة ضد فرنسا .
فأهمية مدينة تاوريرت و دورها التاريخي لم يغب عن انظار المستعمر الذي بادر الى احتلالها سنة 1911 م قبل معاهدة الحماية و شيد ثكنة عسكرية قوية بها لتكون القوة الضاربة في المعارك اللاحقة و اسس بها مركزا للاتصال اللاسلكي يربط بين المدينة وباريس و هذا يبين المكانة التي كانت تحظى بها المدينة عند الفرنسيين من الناحية العسكرية و خلال هذه الفترة و مع التغيرات الجيوسياسيىة بدأت تظهر معالم المدينة الجديدة و هكدا ظهر اول حي صار يطلق عليه فيما بعد دوار المخزن و الحي القديم سنة 1920 و الذي اعتبر مخيما لاستقبال الجزائريين و اليهود التجار و اصحاب الصناعة التقليدية و بذلك تحولت المدينة من قرية سنة 1936 ذات نسمة قليلة الى مدينة ذات مرافق .