تاوريرت بريس – مراسلة :

 التقى الشعراء بجمهورهم في ديوان “آوال” بواحة “أم الغيس”،في الجماعة القروية أم الگردان قيادة أديس بعمالة طاطا، المحطة الرابعة والأخيرة لتظاهرة نزاهة شعرية”، والتي نظمتها دار الشعر بمراكش يومي 25 و26 يوليوز. وشهدت الفعاليات، والتي عرفت حضورا جماهيريا استثنائيا لساكنة المنطقة ومسؤولين محليين وجهويين، تنظيم لقاءات وقراءات شعرية ومنتدى أوال حول “الشاعر وفرجاته: الشعر والفرجات الشعبية المغربية”، بمشاركة وازنة لثلة من الشعراء والنقاد والباحثين، الى جانب الاحتفاء بالتراث المادي واللامادي للمنطقة، وتنظيم مسابقة الإلقاء الشعري الخاصة بفئات الأطفال واليافعين.
وخصت ساكنة أم الگردان استقبالا خاصا لقافلة دار الشعر بمراكش، والتي تكونت من شعراء وإعلاميين وفاعلين جمعويين، ورحب السيد جمال شاهير رئيس جماعة أم الگردان القروية، بضيوف الدار معربا على تثمينه لهذا الانفتاح البليغ لمؤسسة ثقافية تعنى بالشعر على منطقة بعيدة، وانضم الى الساكنة التي آلت على نفسها إلا أن تخصص استقبالا استثنائيا وبالطريقة المغربية الأصيلة. وأكد الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، الى أن هذه التظاهرة تندرج “ضمن استراتيجية الدار لترسيخ مزيد من الحوار الشعري الفني بين القصيدة وفنون الأداء والفرجة، ضمن استراتيجية ترسيخ أنماط و”قوالب” حديثة للتداول الجمالي للقصيدة،ومعها تواصلت البرمجة الخاصة بالموسم السابع حيث تنوع وتعدد البرامج وتلمس مناطق الضوء الشعري، أينما كان ومعه المزيد من اكتشاف أصوات شعرية جديدة تغذي أفق القصيدة المغربية”.
وقد سبق لدار الشعر بمراكش أن افتتحت هذه التظاهرة بفقرة ضفاف شعرية بجماعة اشمرارن، في سفر وترحال الشعر بين الأمكنة البعيدة، وتنوع للفضاءات المفتوحة، وصولا لجمهور عاشق لبهاء الكلمة وسحر الحرف. ويعتبر برنامج أوال الشعري سفر آخر في برامج الدار، حيث الذهاب بالشعر الى الأقاصي البعيدة والهوامش المتناثرة في الجبال والصحراء. سفر وترحال يعيد للمبادرة الثقافية المؤسساتية هذا الحس بثقافة القرب، كما ينفتح على تجارب تغذي شجرة الشعر المغربي الوارفة، من خلال تجاربها الجديدة.

منتدى آوال حول الشاعر وفرجاته

 

احتضنت واحة “أم الغيس”، فعاليات منتدى آوال الحواري، والذي خصص محوره ل”الشاعر وفرجاته”، النص الغائب في الفرجات الشعبية المغربية”، وعرف مشاركة كل من الأستاذ ابراهيم أوبلا، الباحث المهتم بالأنتروبولوجيا الثقافية والأجناس الشعرية والباحث في فنون أحواش، والباحثة الدكتورة أسماء كريم والتي قاربت الطقس الفرجوي “إمعشار”. وسعى المنتدى الى ضبط هذا الخيط الناظم بين الفرجات والنص المرجعي، من خلال نصوص شعرية ظلت تتنقل بين فضاءات القول والأداء، حيث يخضع النص لسلطة الارتجال وسند اللحظي.
وتوقف الباحث ابراهيم أوبلا عند فرجة أحواش تحديدا، في تقصي لشروحات دقيقة حول مكوناتها وفاعليها وفضاء انتظامها. وانتقل بين إيقاعاتها المختلفة، في إشارة الى تنوع الفرجة بين منطقة وأخرى. كما قدم شروحا للقول الشعري الارتجالي اللحظي، ضمن “مساجلات” تغذي أفق الشعر وتجعل من فن أحواش، ذاكرة جماعية للفن المغربي الأصيل. وعن بنية القصائد المصاحبة لهذه الفرجة، يؤشر الباحث أوبلا خصوصية النظم الشعري وأنساقه، في ضرورة تملك الشاعر (أنظام) لقدرة على الصياغة وتوظيف الصور الشعرية واحترام البنى الإيقاعية.
واتجهت الباحثة الدكتورة أسماء كريم الى فرجة أمعشارن، وخصوصا في منطقة تيزنيت، هذه الفرجة في بعدها الكرنفالي وما تتطلب من إعدادات قبلية وقدرة على فعل التنكر. هذا المنحى “الفرجوي والمسرحي” والذي يتخذ مستويات متعددة، ما يلبث أن يرتحل في مناسبات محددة، خصوصا في تزامنه مع الأعياد. توقفت الباحثة أسماء عند “سلطة” النص الذي يحكم فرجة امعشارن، خصوصا أن الكثير من نصوصه لا يتقيد بمرجعية معينة، بل قد يتعداه الى الانفتاح على مواضيع قد لا تتلاءم في وضعيات عادية.

صالون الدار الشعري الخامس

 

افتتح الصالون الشعري الخامس، لدار الشعر بمراكش، ليلة اختتام تظاهرة آوال، فعاليات المحطة الرابعة والأخيرة لنزاهة شعرية. لحظة شعرية شهدت تقديم قراءات شعرية لمختلف الحساسيات والتجارب، والتي شاركت في قافلة الدار الشعرية، الى جانب وجوه إبداعية من مدينة طاطا. وافتتحت هند بوهيما فعاليات الصالون، والذي امتد في قراءات شعرية لمختلف التجارب والحساسيات للشعراء والشواعر: آمال الغريب، أمينة حسيم، حسان بن العطار، ريم السيد، إلهام زويريق، عمر جموحي، اسماعيل آيتايدار، السعيد أبو خالد، صلاح الدين بشر.
وتواصلت فعاليات الحفل الختامي بمسابقة الإلقاء الشعري، والتي احتفت بأطفال ويافعين من أم الكردان، قيادة أديس، والتي سعت من خلالها، دار الشعر بمراكش، الى التحسيس بالفعل القرائي وأيضا تنمية المهارات الخطابية للناشئة، وتم تتويج الفائزين في المسابقة. فيما اختتمت الفعاليات بتنظيم أمسية شعرية وفنية كبرى، شهدت مشاركة الشعراء: سالم حمورو ، صفية عز الدين، عبد الرحمن آيت باها. بينما أحيت فرق فنون أحواش الحفل الفني لأوال، والذي أشرف على تقديم وتنشيط فقراته كل من بدر هبول وهند بوهيما.

آوال احتفاء بالتعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي

 

قرأ الشاعر سالم حمورو بعضا من “سحر لغنا” في إشارة الى المنجز الشعري الحساني، والذي استمد منه الشاعر حمورو مرجعية اللسان والتخييل الشعري.. وقد اختار الشاعر موضوعات، ترتبط بالوطنية وحب الوطن والتشبث بقيم المواطنة، وكانت القراءة الشعرية تمتزج بنظم شعري وموسيقي. وانتقلت الشاعرة صفية عزالدين، إحدى الشاعرات المرموقات في خريطة الشعر الأمازيغي، الى ساحة الفرجة في فضاء “أم الغيس”، في مزج بين نصوصها الشعرية المليئة بالحكمة والعبرة النافذة الى المخيال الجمعي.
الشاعر عبدالرحمن آيت باها أحد إشراقات دار الشعر بمراكش الشعرية، والذي سبق أن تم اختيار أحد نصوصه من طرف لجنة التحكيم للنشر في الديوان الجماعي إشراقات شعرية، كما حظي بالمشاركة في ملتقيات حروف الوطنية للشعراء والنقاد الشباب. الشاعر آيت باها أهدى قصيدته للوالد الراحل، فيما اختتم قراءاته بقصيدة الحب والتي كانت مختتم ديوان آوال.
يقول الشاعر في أحد قصائده: لَا تَـقـْــرَئِي إِلاَّ قَـصـــَائِــدِيَ الَّــــتي/ قَـدْ كنْــت أكْـتـُبُهَـا عَـلَى مَهْلٍ لَـدَيْـكْ// فَـالْأَصْـلُ فِـي شِـعْـرِي مَـدِيـحُ جَـمَالِكِ/ وَ الْأَصْـلُ فِي الْإِلْـهَـامِ نَقْـشٌ فِـي يَـدَيْكْ// فِـي كُلِّ يَـوْمٍ ـ حِيـنَ تـُتـْعـِبُـنِـا الرُّؤَى ـ/ تأتي الحروفُ تَقولُ لِـي : “هَـوّنْ عَلَيْكْ”// وَ الشّــعْـرُ يَأْتِـي كَــيْ يُـضَـفِّـرَ شَـعْرَكِ/ وَ يُكَـفْـكِـفَ الدَّمْـعَ الّـذِي فِـي مُـقْـلَتَيْـكْ// لَا تَــقْـنَـطِي إِنْ قَـدْ رَحـَـلْـتُ فـَـرُبَّـمَـا/ يَأْتِــي هَـوَاكِ يُـعِـيـدُنِي قَــسْـراً إِلَـيْـكْ// أَوْ رُبَّـمــَا يَغــْــدُو الْــمِـدَادُ حَـــمَــامَــةً/ فَـيَـطيرُ مِـنْ حِـبْرِي وَ يَـــرْسُـم وَجْنَـتَيْـكْ// إني استَعَــرتُ مِــنَ السَّـمَـاءِ سَـــحَابَةً/ فَـجَعَـلْـتُهَا ثَـوْبًـا يُـغَـــطِّـي سَـاعِـدَيْــكْ// كَـيْ تَـعْـلَــمِـي أَنِّــي أَغَـارُ عَـلَـيْكِ مِـنْ/ عَـيْـنٍ سَـتُـبْـصِرُ فِـي غِــيَـابِي مـرْفِـقَيْكْ// فــَأَنَا أُرِيــــدُكِ لِـــي بِـلَا نِــدٍّ وَ لَـــــنْ/ أَرْضَـى لِــغَيْـرِي شَـعْـرَةً مِـنْ حَـاجِـبَيْـكْ. الحفل الفني لهذه التظاهرة، أحيته فرقة فنون أحواش لترسيخ مزيد من الحوار الشعري الفني بين القصيدة وفنون الأداء والفرجة، ضمن استراتيجية دار الشعر بمراكش ترسيخ أنماط و”قوالب” حديثة للتداول الجمالي للقصيدة.