تاوريرت بريس :

 موازاة مع مسلسل تطوير العلاقة مع إسرائيل، ومنذ الاتفاق الثلاثي المغربي الأمريكي الإسرائيلي، المُوقع في دجنبر 2022، ظل المغرب يؤكد، في أكثر من مناسبة، على أنه يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأنه لن يتخلى عنها.
لقد ظلت المملكة تُعبر عن موقفها من القضية الفلسطينية على أعلى المستويات، وفي أكثر من مناسبة، في ظل الزخم الذي تعرفه العلاقة مع إسرائيل. إذ مباشرة مع الاتفاق الثلاثي، اتصل جلالة الملك بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس. في هذا الاتصال أطلعه جلالته على مضمون الاتصال الهاتفي الذي جمعه بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اعتبارا للتقدير الذي يخص به جلالته الرئيس الفلسطيني.

وذكر بلاغ للديوان الملكي، في حينها، أن جلالته أكد بأن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير، وقد ورثه عن والده المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني.

وأبرز جلالته أن المغرب مع حل الدولتين، وأن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع، مشددا على أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة.

وأوضح بأن ملك المغرب له وضع خاص، وتربطه علاقات متميزة بالجالية اليهودية من أصل مغربي، ومنهم مئات الآلاف من اليهود المغاربة الموجودين في إسرائيل.

دعم يتجدد

تأكيدا لأهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمغرب، لم يمر وقت طويل حتى وجه جلالته، في 23 دجنبر 2020، رسالة إلى الرئيس محمود عباس، عبر فيها جلالته عن ارتياحه لمضامين الاتصال الهاتفي الهام الذي أجراه معه في نفس الشهر، وما طبعه من حوار مثمر وتفاعل متبادل حول موقف المملكة المغربية الثابت من القضية الفلسطينية، والتزامها الدائم والموصول بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وجدد جلالة الملك في هذه الرسالة على حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، وعلى التشبث بالمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، سبيلا وحيدا للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع.

ونهوضا من جلالته بأمانة رئاسة لجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، فقد أكد جلالته في هذه الرسالة أنه لن يدخر جهدا لصيانة الهوية التاريخية العريقة لهذه المدينة المقدسة، كأرض للتعايش بين الأديان السماوية، وسيواصل الدفاع عن الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وحماية الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة وحرمة المسجد الأقصى.

تحرك دولي

في نونبر 2022، وجه صاحب الجلالة رسالة إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شيخ نيانغ، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

في هذه الرسالة، جاء التأكيد مرة أخرى على موقف “المغرب الثابت والواضح من عدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في أمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل”، تقول الرسالة.

وشدد جلالته على أن القضية الفلسطينية ستظل، باعتبارها أقدم القضايا، مفتاح السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مضيفا أن أمن المنطقة واستقرارها يتطلب مساع وجهودا متواصلة للخروج من منطق الصراع والعنف إلى منطق السلام والتعاون وبناء فضاء مزدهر لجميع شعوبها.

وأبرز جلالته أن “غياب الأفق السياسي للقضية الفلسطينية، والإجراءات الأحادية التي تقوض فرص السلام، فسحت المجال للقوى المتطرفة للإمعان في استباحتها للمقدسات ونشر ثقافة العنف والكراهية، الأمر الذي ينذر بتحول النزاع من صراع سياسي إلى صراع عقائدي قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها”.

وعاد المغرب ليؤكد بجنيف على محورية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية للمملكة، وذلك في إطار الدورة 53 لمجلس حقوق الانسان، إذ قالت المملكة إنها تنخرط في الإجماع الدولي على أن حل القضية الفلسطينية يجب أن يكون في إطار حل الدولتين، دولة إسرائيل بجانب دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأعربت المملكة مجددا عن “دعمها وتضامنها مع الشعب الفلسطيني، وخاصة في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة والمتكررة على جنين، وما خلفته من قتلى ودمار”.

وضوح وثبات

في مناسبات عديدة، عبرت وزارة الخارجية المغربية عن الموقف الرسمي تجاه قضية فلسطين. وفي آخر تصريح له بهذا الخصوص، قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن مواقف المغرب واضحة وثابتة، كما عبر عنها جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس.

وأوضح بوريطة، عقب مباحثات مع وزير التنمية الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أن المغرب مع حل الدولتين، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 والقدس الشرقية كعاصمة لها، مؤكدا دعم جلالة الملك للسلطة الفلسطينية ولكل ما تقوم به للحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وشدد الوزير على أن المغرب ضد كل ما من شأنه أن يقوض أفق هذا الحل، وضد الأعمال أحادية الجانب وضد سياسة الاستيطان، وكل الأعمال الاستفزازية التي يمكن أن تمس بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن المغرب له علاقات مع دولة إسرائيل، وهذه العلاقات لم ولن تمس بعلاقة المغرب مع الشعب الفلسطيني ودفاع المغرب عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما أكد ذلك جلالة الملك، في 10 دجنبر 2022، في مكالمته مع الرئيس الفلسطيني.

وفي مقابل تأكيداته الدائمة على موقفه، لا يتردد المغرب في التنديد بكل أشكال العنف على الأراضي الفلسطينية، إذ كان شديد اللهجة في الأحداث الأخيرة التي عرفتها المنطقة، حين أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في أبريل الماضي، أن المغرب يدعم ويتضامن مع الشعب الفلسطيني في محنه ومرة أخرى طالب المجتمع الدولي والقوى العظمى بالتدخل لإيقاف العدوان على الشعب الفلسطيني وعلى أراضيه.