الخضير قدوري :

 … ألا ينبغي للصقور الجارحة ان تترك الفضاء للعصافير المتساكنة حتى تحلق لتجرب أجنحتها قليلا ان كانت تقوى على التحليق او لا تقوى ،وتخلي لها الجو لتغرد لتجرب صوتها ان كان حلوا او ناشزا ،كذلك انتم أيها السياسيون الديمقراطيون والاشتراكيون والمتحررون والمستقلون بمختلف أشكالكم وألوانكم وحتى انتم أيها الحكام الا تسمحون للشعوب لتتكلم وتعبر عن أرائها إن كانت صالحة او فاسدة ، لقد أعياهم سمع ضجيجكم وأتعبهم الصمت على هراكم ونفذ صبرهم وانقضى وبلغ السيل الزبى وتجاوز الظالمون حد المدى
لم تكونوا ولا كانت الوحدة الترابية مسئوليتكم لوحدكم ولا كان الوطن ملكا لكم دون غيركم الم تكن المسئولية أيضا مسئولية شعب باعتباره المكون الأساسي للدولة وقد بات هذا الواقع يفرض عليه القيام بواجبه تجاه هذا الوطن الذي لا يقبل التفتيت والتجزؤ او المساومة والمتاجرة بمعانات الشعوب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى السياسية
اذا كان قادة الجزائر العسكريين وساسته المراهقين الذين ورثوا عن الاستعمار فكرة الهيمنة والتوسع وبدلا عن انشغالهم ببناء أركان دولتهم الفتية وإرساء قواعدها المتينة على أسس صلبة فقد تحولوا عن ذلك بدافع الحقد والحسد وتوجهوا نحو التفكير في زعزعة استقرار المغرب بصنع كيان وهمي وجعله حصاة في حذائه من اجل كبحه حتى لا يتقدم عنهم الى الأمام خطوة واحدة ،ودون قراءة لعواقب ما سينتهي اليه مصير هذا الكيان نفسه الذي أصبح اليوم يشكل شوكة في خاصرة الجزائر قد لا تسمح له بالجلوس في مكانه دقيقة واحدة ووضع كحجر عثر في طريق ما يسمى عبثا بوحدة المغرب العربي الكبير الذي كان هذا الكيان منذ نشأته نذير شؤم لجل قادته منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، ومنهم من انقلب الى سوء المنقلب ،لقد رحل معظمهم عن الدنيا ورحل جلهم عن الحكم ولم يبق سوى واحدا منهم يعاني من لسعات سوط الضمير بعد ان مدد الله في عمره ليقضي ما تبقى من أيامه وراء قضبان سجن الحياة ،وعلى غراره أبى القدر إلا أن يمدد في عمر ربيبه وصنيع خلفائه حتى يظل بعدهما يلفظ أنفاسه الأخيرة منذ أكثر من أربعين سنة كمريض يحتضر لا هو بميت فيبكى ولا بحي فيرجى
لكن اليوم وزهاء خمسين سنة تبين أن هذا الكيان قد أصبح في حاجة ماسة الى موت رحيم ولا شك في أن الأجل سيوافيه عما قريب وان ساعة الحسم قد دقت وأصبح من المفروض على الشعب المغربي ان يبر بقسمه وعلى الشعب الجزائري أيضا ان يستيقظ من سباته بعد فشل كل المحاولات السياسية المغرضة والمساعي الدبلوماسية الغير المجدية ربما تبقى فرصة ممكنة للحيلولة دون الحل العسكري الذي بات أمرا واردا لاشك فيه وقدرا مقدرا لا مفر منه وخيارا لا بديل عنه فإذا كان قادة الجزائر تحت الوطأة الاقتصادية الخانقة والأزمة السياسية الحادة لم تبق لهم وسيلة لتصدير الفتن وامتصاص غضب الشعب الجزائري الشقيق الذي وجد نفسه بعد فوات الاوان في أمس الحاجة الى خيرات بلاده فلم تعد تنطلي عليه حيل الدهاة السياسيين ولا ضغوطات الجبابرة العسكريين الذين نهبوا ملايين الدولارات من عائدات ثرواته البترولية وحولوا الباقية المتبقية الى حسابات بائعي الذمم من اجل صنع كيان وهمي من أصل جمعية لا يتعدى عدد أفرادها عدد أصابع اليدين مدعمين بمرتزقة مأجورين وسمحوا لهم بتأسيس دولة على أرضهم بعد ان وفروا لها من إمكانيات عسكرية لو توفرت لدى الشعب الفلسطيني الذي يواجه الرصاص بالحجارة لكانت فلسطين محررة منذ سنين عديدة لم يعد شجر الطلح يخفي وجوها تريد ان تتمسح بمسوح أهل الصحراء ولا أصبحت رمالها تخفي حقائق الجبناء الذين يختفون وراء ظهران المغلوبين على أمرهم والضعفاء الذين طالما دأبوا على استغلالهم حتى باتوا اليوم يشكلون خطرا على مستقبل شعبهم وتهديدا لمستقبل بلدهم مما جعل التخلص منهم من الضروريات الملزمة وترحيلهم عن الأرض وإبعادهم عن تندوف والدفع بهم الى فوهة البركان وشفا البئر الحلو او المر
وبتحركات هؤلاء المغرر بهم الاستفزازية التي تدفعهم الى ارتكاب حماقات هستيرية والإقبال على عمليات انتحارية قد تفرض على المغرب خروجه عن أدب اللياقة ليجعل قواته المسلحة تخرج هي الأخرى عن المألوف لتفقد الصواب قليلا وسينجر القادة الجزائريون حبا او كرها الى ما لايحمد عقباه . حينئذ سيصبح الأمر يحتم على الشعب المغربي وحتى الجزائري تحمل الم العملية الجراحية لمدة معينة من اجل استئصال هذا الداء الخبيث الذي لم ينفعه دواء او يفيده علاج
وكفانا من المسكنات والمهدئات ومن معاينة تحركات المد والجزر منذ زهاء نصف قرن في حالة لا حرب ولا سلم استنزفت خلالها ثروات شعوب تعيش ويلات الفقر والحاجة لقد تعبنا من البلاغات والبلاغات المضادة ومن سماع السيمفونيات المملة وكرهنا وضعنا المتفرق بين الاتحادات الأمريكية غربا والاروبية شمالا والسوفيتية شرقا ثم الإفريقية جنوبا فما موقع الدول المغاربية المتشتة ودول الوطن العربي المتفككة بين كل هذه الاتحادات وما مكانها على خريطة العالم وجغرافية الأرض انه زمن تكتلات الدول الراقية وتفتت الدول المتخلفة التي مازالت في حاجة الى فترة استعمارية جديدة تلقن حكامها وزعماءها معنى الوطن والوطنية ومفهوم الاستقلال والحرية من لازال بعض قادتها أنصاف ملوك الممالك وأنصاف رؤساء الجمهوريات وأنصاف زعماء الثورات المتشبعين بمزيج من الإيديولوجيات الديمقراطية والدكتاتورية والاشتراكية محبذين الإمارة ولو على الحجارة مولعين بالتربع على عروش الأنقاض المدمرة