بقلم : الخضير قدوري
ترى هل يعتبر مهرجان تاوريرت بحق شيكا دون رصيد ؟ كما طلعت علينا بعض المواقع الاليكترونية بأخبار طريفة عن الفنانة نجاة اعتابوا والشيك دون رصيد حسب ذات المصادر المسلم لها من طرف الجمعية المنظمة لمهرجان تاوريرت بعد تدخل رئيس المجلس الجماعي الذي عمل على تسديد قيمة الشيك لإنقاذ الموقف بما قدره 11مليون سنتم مقابل وقوف هذه الفنانة على خشبة منصة أعدت لها بالملايين لمدة 11 دقيقة لتقول لنا “جوـ ني ـ مار”
الأمر الذي فتح شهية كثير من الفايسبوكيين للتعليق على الخبر بقول بعضهم “الملايين للبعاد والملاليم لأولاد البلاد ” في حين علق بعضهم الأخر على قيمة المبلغ بأنها لا تعادل سوى 11 سنتا كرد على الذين استكثروا المبلغ حسب عملة المرفهين موجهين بذلك أصابع الاتهام للجهات المساهمة والمنظمة للمهرجان العاشر والرابع عشر في الصحيح وان كان هؤلاء الآخرين يتعمدون حذف النسخ الأولى لأسباب ذاتية او لإغراض شخصية او لأهداف سياسية كيفما كان الحال هي مبررات واهية لا يريدون بها سوى إخفاء الحقائق التاريخية وطمس ذاكرة المدينة والركوب على أفكار الآخرين
قد لا يهمنا مافي الأمر كله لولا سخط ولعنة المتذمرين على مبدعي هذه الفكرة من أساسها الأمر الذي جعلنا مرغمين على تصحيح المفاهيم وتبرئة ذمم هؤلاء مما نسب إليهم ونرد عنهم التهم الموجهة إليهم وللإحاطة علما أن الجهة المؤسسة والمنظمة للمهرجان الثقافي الأول بمدينة تاوريرت كان ذلك يوم 27 يوليو سنة 1998 الى غاية اليوم الثالث غشت من نفس السنة والمبدعة للفكرة تحت شعار ” من اجل إبراز الطاقات المحلية”هي جمعية تاوريرت للجالية المغربية المقيمة بالخارج بتعاون مع بعض الفعاليات الثقافية بالطبع والبنك الشعبي ومساهمة لوجيستكية للعمالة وقد كلفها هذا المهرجان يومئذ بعض الآلاف الدراهم وليس عشرات الملايين خصصت فقط لحفل الشاي أثناء الافتتاح والاختتام ورغم وفرة مواد برنامجه الفنية والثقافية والرياضية المتنوعة المقسمة على ليالي وأيام أسبوع كامل فقد ضل المنظمون يشددون حرصهم على الوفاء لشعاره الذي كانوا يريدونه شعارا خالدا ثابتا لا يتغير شكلا ولا مضمونا مهما تعددت النسخ وتغيرت المواد وتوالى المنظمون بغية الاستمرار في اكتشاف الطاقات الإبداعية في كل المجالات الثقافية والفنية والصناعية والفلاحية والرياضية وغيره على مدى الأجيال المقبلة كطاقات حية جديرة بالعناية والتشجيع كفعاليات محلية تريد الحياة فلا بد لها ان تستجيب القدر لتخرج من قوقعتها فتعبر عن مكنونات صدرها وخلجات قلبها بفصاحة لسانها طاقات وفعاليات حقيقية تريد ان تثبت وجودها وتبرهن عن وفائها وصدقها وإخلاصها في العمل من اجل خدمة البلد وتنمية الاقتصاد كفرق متطوعة لم ترض او تقبل ممن فسحوا لها المجال للمشاركة ولو فلسا واحدا مقابل مشاركاتهم وأنشطتهم باستثناء شواهد تقديرية قدمت لهم من طرف إدارة المهرجان تكريما لهم على ما قدموه من مساهمات فعلية وهدايا رمزية اعترافا بما بذلوه من جهود لإنجاح مشروعهم وعربونا على الوفاء لخدمة بلدهم
على غرار ما حصل فان منظمي المهرجان الأول بما يملكونه من استقلالية القرار هم على عكس منظمي كل المهرجانات التالية باعتمادهم لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية بمعناها الحقيقي على الطاقات المحلية فروسية محلية وفنونا محلية وعلى ثقافة محلية ورياضات محلية وعلى عروض لمنتوجات صناعية وفلاحيه محلية رغم الضغوطات الداخلية والخارجية والسياسية والاقتصادية فقد واجهوا كل هذه الاكراهات بحزم لا يلين من اجل تمكنهم من المكانة اللائقة بين الاقاليم وتبوء مقاعدهم بالصفوف الأمامية في مسرح الجهة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وتلك كانت إستراتيجية المؤسسين للمهرجان الأول للجالية سنة 98
وأثناء التقييم السليم لهذا المهرجان الأول من طرف فعاليات المجتمع المدني والسلطات المحلية والاقليمية اكتشف الجميع أن هذا الإقليم يزخر فعلا بطاقات إبداعية قل نظيرها قد تحدث حالة الاستثناء لو تسمح لها الظروف بالمشاركة في اي مهرجان جهوي او وطني وحتى دولي فتقرر حينئذ بامر من السيد عامل الاقليم تحديد الأسبوع الأخير من شهر يوليوز كل سنة كتاريخ محدد لإقامة المهرجانات التالية تزامنا مع تواجد أفراد جاليتنا ببلدهم مع توفير الإمكانيات اللازمة الإ انه مع الأسف قد حولت الفكرة عن أهدافها النبيلة الى ما نشاهده اليوم من الميوعة والابتذال والمتاجرة باسم الثقافة و الفن والإبداع من طرف بعض الأنانيين والتجاريين والسياسيين ومحبي الركوب على أفكار الأولين دون احترام مشاعر المواطنين والأذواق السليمة للآخرين وقد تم استغلالها على هواهم بعد ان قاموا بحذف النسخ الأربعة الأولى من اجل طمس الحقائق التاريخية ومحو ذاكرة المدينة واقصاء الفعاليات وتهميش الطاقات المحلية
رغم بعض الوقفات الاحتجاجية المحتشمة وردود أفعال المعارضة الرافضة فان المهرجان الأخير كسابقيه من حيث الشكل يبدو موفقا في تصور الأغلبية المؤيدة وفاشلا في نظر الأقلية الرافضة وفق ما سجلناه من ارتسامات المتتبعين والملاحظين نتيجة لغياب الدور الثقافي والتربوي لجمعيات المجتمع المدني التاوريرتي الأمر الذي فسح المجال للميوعة والابتذال لغزو الساحة وملء الفراغات وأما من وجهة نظرنا المتواضعة وتقييمنا لفعاليات المهرجان الأخير ومواده كمتتبعين وملاحظين من منطلق العقل السليم والمنطق الحكيم إننا نقر بنجاحه شكلا و فنيا الى حد ما وفشله مضمونا وثقافيا الى حد بعيد
ويبقى السؤال المطروح حول نقط الخلاف بين المؤيدين والرافضين للمهرجان عماهي الجوانب الايجابية فيه نترك الجواب للأولين ومواضع الخلل للآخرين أما المهرجان في حد ذاته سيبقى بالنسبة لمنظميه ومموليه والساهرين عليه وسيلة لبلوغ ما يراد به من غايات معينة وأهداف محددة فأي تقييم وأي تحكيم بعد ذلك سيبقى مهرجاننا شيكا دون رصيد ونغمة وقعتها الحياة لمن قد يعي ومن لا يعي وقضي الأمر الذي فيه يستفتون الى حين يعون