تاوريرت بريس :
قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، تاج الدين الحسيني، إن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين يحمل آفاقا واعدة
كما يؤشر لتطور نوعي في العلاقات الثنائية سواء تعلق الأمر بالمستوى السياسي والاستراتيجي أو الاقتصادي والتكنولوجي.
واعتبر السيد الحسيني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة توقيع صاحب الجلالة الملك محمد السادس ورئيس جمهورية الصين الشعبية السيد شي جين بينغ، اليوم الأربعاء بقصر الشعب ببكين، الإعلان المشترك المتعلق بإرساء شراكة استراتيجية بين البلدين، أن زيارة جلالة الملك إلى جمهورية الصين الشعبية تشكل منعطفا حقيقيا للسياسات الخارجية للمغرب وفي موازين القوى في منطقة شمال افريقيا، كما ستشكل دعما حقيقيا للمواقف الثابتة للمغرب في ما يتعلق بوحدته الترابية، مشيرا إلى أن الصين بدورها تعاني من مشاكل ترتبط ببعض النزاعات الانفصالية سواء في مواجهة تايوان أو مشكل التبت، وبالتالي فإن “الصين يمكن ان يعول عليها كشريك له دور فعال في الوحدة الترابية انطلاقا من صورة التعاون الذي أصبح استراتيجيا ويمكن أن يشمل عدة ميادين”.
وأشار إلى أن هذه الشراكة تتجلى، على المستوى الاستراتيجي، في كون الصين دولة عظمى بكل المقاييس سواء سكانيا أو اقتصاديا أو عسكريا، أما على المستوى السياسي، فهي عضو دائم في مجلس الأمن يتمتع بحق الفيتو، ومن هذا المنطلق، يضيف الأستاذ الحسيني، فإن “أي تعاون مع الصين في هذه المرحلة بالذات يعتبر أساسيا ومهما بالنسبة للمغرب”.
وأكد الباحث في العلاقات الدولية أن من مصلحة المغرب أن يعمد إلى إرساء تعاون أكثر قوة مع حلفاء آخرين كما كان الشأن بالنسبة لروسيا التي وقع معها اتفاقيات للشراكة الاستراتيجية المعمقة، “واليوم مع الصين نشهد كذلك انفتاحا اقتصاديا وتكنولوجيا”، مشيرا إلى أن هذا البلد لم يعد الدولة التي تنتج بكيفية متجاوزة بل أصبحت تعتمد تكنولوجيا حديثة في المعامل المنتجة وأصبحت قدرتها على غزو كافة الأسواق عبر العالم شيئا جديرا بالتقدير.
وتابع أن من مصلحة المغرب أن يربط مع الصين أوثق العلاقات في ميادين متعددة من بينها صناعة السيارات والنسيج والتصدير خاصة الفوسفاط والتعاون في ميدان البحث في الطاقات البترولية والغازية وأيضا الطاقات المتجددة، لاسيما أن المنتجات الصينية تتمتع بانخفاض التكلفة لكن تتميز بتطور نوعيتها بشكل أفضل مما كانت عليه في السابق.
وهذه المقاربة، يضيف الأستاذ الحسيني، مهمة جدا في التعاون الاقتصادي، مسجلا أن المغرب يمكن أن يشكل منصة استراتيجية أساسية لتعاون الصين مع العديد من البلدان العربية وكذا مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء وإفريقيا الغربية، فالصين وصلت بقوة إلى شرق إفريقيا وأصبحت تستثمر ما يقارب 11 مليار دولار، لكن للّأسف نصيب المغرب من هذا الاستثمار لا يتجاوز 200 مليون دولار، رغم موقع المغرب الاستراتيجي وطموحاته الاقتصادية الحقيقية وكذلك وجوده القوي في إفريقيا الغربية وإفريقيا جنوب الصحراء.
وأبرز في هذا الصدد أن الصين يمكن أن تستغل هذا الوجود المغربي، سواء من خلال الأبناك التي تتنوع عبر القارة الإفريقية أو من خلال عدة شركات ومقاولات مهمة في عدة مجالات بما فيها الاتصالات السمعي البصري والطيران، وبالتالي فإن التعاون مع المغرب كمنصة يمكن ان يساعد الصين .
وذكر بأن عدد الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والصين يناهز لحد اليوم 250 اتفاقية، مشيرا إلى أن الاتفاقيات الجديدة اليوم ذات بعد استراتيجي، أي أنها ستكون مطبوعة بالديمومة وتطور أفضل نحو المستقبل.