بقلم : الخضير قدوري //
قبل التطرق إلى هذا الموضوع أرى لابد من إلقاء لمحة تاريخية عن هذا الحزب الذي نشا في ظروف صعبة حقا حيث كان المغرب مهددا في استقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكان أحوج ما يكون إلى خبراء حقيقيين في علم السياسة والاجتماع والاقتصاد من بإمكانهم استطلاع الوضع وإيجاد الحلول الممكنة للمشاكل المعقولة التي كانت ستؤدي بالمغرب إلى مالا يحمد عقباه لم تكن العقود الأخيرة من القرن الماضي سوى مؤشرات لانتكاسة خطيرة كانت ستحل بالمغرب إذ كان لابد من البحث عن إستراتيجية حقيقية لتفادي تلك النكسات التي أودت بكثير من الأنظمة في محيطنا العربي إلى السقوط
وكان من خبراء الحقبة يومئذ الأستاذ المعطي بوعبيد باعتباره الرجل المثقف والسياسي المحنك والرجل المناسب في مكانه المناسب كوزير أول في حكومة الحسن الثاني المضطلع عن قرب على القدر وما ينضج فيه في هذه الظروف أقدم على تأسيس حزب الاتحاد الدستوري وهي ظروف كما سبق الإشارة إليها تلوح بأوضاع غير مستقرة من حيث الجوهر ثم أرسى قواعده الصلبة على أرضية إلى حد ما كانت هشة قلما تحتمل ثقل هذه المسئولية وتستجيب لمتطلبات تلك الظرفية أو تستوعب ما يمكن تفسيره بالإستراتيجية المستقبلية معتمدا في تصوره على فعاليات ثقافية مهمة مضطلعة بخبايا المغرب ومن يمكنها التعاطي والتجاوب بقناعة ببرنامجه المسنود إلى دعائم أساسية وضرورية فرسم خطة طريق ترمي إلى ترسيخ الجهوية واللامركزية والمبادرة الحرة
لكن الرياح كانت تجري بما لا تشتهي السفن عندما توفي المعطي بوعبيد وبعده بأشهر قليلة توفي عبد اللطيف السملالي ثم أصبح الحزب بعدهما عبارة عن سفينة بلا قائد تقطعت شراعها في بحر هذه الظروف المتلاطمة والتحق معظم أطره بالسلك الدبلوماسي خارج الوطن كل ذلك جعل صرح الحزب يتصدع ثم فقد نفوذه في كثير من الأقاليم وتراجع عن امتداده في بعض الجهات سيما الجهة الشرقية
لكن هذا التراجع كان إلى حد ما شبيه باستراحة محارب من اجل تنظيم هياكله وتسوية صفوف مناضليه وإرساء قواعده حتى وان لم تكن له قوة تقريرية في الحكومات المتتالية فان كل تلك الحكومات قد تبنت مبادئه فيما يتعلق بالجهوية واللامركزية ولا تمركز وكذلك المبادرة الحرة ونهجت خطة الطريق التي رسمها هذا الحزب باعتبارها مبادئ وأسس ضرورية لبناء صرح هذا الوطن
واليوم يبدو أن حزب الاتحاد الدستوري بدا ينبعث من جديد بروح جديدة ويسير في اتجاه بسط نفوذه على مختلف الأقاليم واسترجاع تواجده بقوة ويتوغل في مختلف الجهات بسلطان لما قد يتوفر عليه من تجربة وما اكتسبه من ثقة بحكم نزاهته وبفضل سمعته الطيبة التي ساعدته على الانبعاث وضخت فيه طاقة متجددة من اجل اكتساح الساحة السياسية على انقاض أحزاب مهترئة بقوة نتمنى أن تكون مصاحبة بسلطان
وما ينبغي أن تدركه أحزابنا الوطنية من اليمين واليساران كانت تستطيع النفوذ إلى أعماق المغرب وتتوغل في ثغوره بقوة المال حينا فلتنفذ ولن تنفذ إلا بسلطان العلم والمعرفة فقوة المال كانت ولا زالت مطلوبة ولكن سلطان العلم والمعرفة أصبح ضروريا لا محيد عنه ولا بديل وليس ثم من اختيار