بقلم : الخضير قدوري
في إطار القانون الجديد لمكافحة الإرهاب الصادر في شهر نوفمبر 2014 الذي يستند إلى مادة في قانون العقوبات تقضي بمعاقبة كل من يحرض على الإرهاب اويدافع عنه بعقوبة حبسية تصل إلى خمس سنوات وبغرامة بقيمة 45 ألف يورو وبالحبس لمدة 7 سنوات وغرامة بقيمة 100 ألف يورو اذا ما تم نشر ذلك على الانترنيت .
صدر هذا القانون عن الدولة الفرنسية التي تدافع في نفس الوقت عن حرية التعبير، في هذا الصدد قد تعترض سبيل بحثنا عشرات علامة استفهام محيرة، فهل يكون عشرات المعتقلين في فرنسا اليوم ممن بنيت اعتقالاتهم على أساس تصريحاتهم عقب الهجمات الأخيرة ضد المجلة المثيرة للجدل مجازفة حقيقية بانتهاك حرية التعبير؟ ما لم تكن هذه المجلة مسئولة على كل ما حدث باعتبارها محرضة على الإرهاب، وكل ما نشرته من سب وقذف وتشهير في حق الأفراد والجماعات والإساءة إلى شخص الرسول باعتباره الخط الأحمر المقدس لدى العرب والمسلمين من اجل استفزازهم إخلالا بقانون حقوق الإنسان ، أو يعتبر كل ذلك انتهاكا لحرية التعبير إلا ما يكتب في هذا الموضوع وينشر على الانترنيت والصحف الورقية فيعتبر تحريضا على الإرهاب أو دفاعا عنه، ولا يعتبر تناقضا سافرا يجب على الدولة الفرنسية أن تعيد النظر فيما صدر عنها من مثل هذه القوانين التي تتعارض مع بعضها ،مرة تدعي حمايتها لحرية التعبير، وبنفس الأسلوب تحارب من يمارسها فتعتبره محرضا على الإرهاب ،هل تريد الدولة الفرنسية أن تكرس مبدأ ” بوش ” الابن الذي اشتهر بمقولته “من لم يكن معنا فهو ضدنا ” وهل كان لحرية التعبير معنى أخر كما يراه المتسيبون ويرغب فيه الفوضويون وبعض المدافعين عن المفهوم المغلوط لحرية التعبير .
أم يكون كل الكتاب والصحفيين وكل المحللين السياسيين لما تعرضت له هذه المجلة الساخرة من الأشخاص والأديان، إرهابيين ومحرضين ومدافعين عن الإرهاب ، وحدهم من ينبغي معاقبتهم في إطار القانون الجديد المذكور أعلاه الذي يعاقب كل من يتناول هذه الظاهرة كظاهرة تفرض على كل صحفي أو كاتب أو سياسي أو أي مفكر أن يحللها ويناقشها ويتكلم عليها بكل حرية وفق ما يراه حقا أو باطلا، أم سيفرض عليه في هذه الحالة أن يقف عند حدود معينة ويلتزم الصمت أو سيكون محرضا ومدافعا عن الإرهاب ، من يجب أن تطبق عليه العقوبة المنصوص عليها في نص القانون المذكور أعلاه الذي يلغي بمضمونه ما يسمى حرية التعبير في شرع الدولة الفرنسية أو تقييده ، ويدعو المشرع الفرنسي إلى إعادة النظر في هذين القانونين المتناقضين .
هذا ما سبق أن تطرقنا إليه في مقالاتنا السابقة، مذكرين بان حرية التعبير يجب أن تنتهي عندما تبتدئ حرية الأخر، ومن الواجب عليها احترام الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها ،وإلا سيصبح هذا العالم يغرق في فوضى عارمة ،تغطي على كل ما هو حقيقة .وتبيت هذه الحرية بمثابة الضوء الذي يدفع بالخفافيش إلى الخروج من كهوفها المظلمة، والظلام الذي يدفع بالضفادع إلى مغادرة مستنقعاتها الأسنة ،فتصبح أسلحة بأيد الجبناء ذوي الألسنة الحربائية وسواعد البطاريق وقوائم الأسد البحرية .
فشتان ما بين قول يتبخر في الهواء ،وفعل يبقى على الأرض، فكل ليل يغشى قد ينتهي عندما يتجلى النهار ويبتدئ . بذلك يصبح كل ما يراد بالقول في نظري هو إخلال بالنظام الكوني، وهذا مالا يؤمن به صناع القانون الوضعي وهم لا يراعون مدى التعارض والتناقض الذي قد يخلق نوعا من الفوضى في الأوساط الاجتماعية عامة ، وما أصبح يدعو المشرع الفرنسي اليوم ومن خلاله كل المشرعين في العالم إعادة النظر جديا في قانون الحريات العامة ، وحرية التعبير المطلقة خاصة ، وقانون حماية حقوق الإنسان بصفة عامة . التي أصبحت بموجب مفاهيمها الخاطئة تصيب الأبرياء بالجهالة ،وتجعل من الأحرار محرضين على الإرهاب بالقول قبل الفعل، حتى يسري عليهم قانون محاربة الإرهاب وحماية إنسان قد لا يحترم حقوق الأخر.
إلى حدود هذه السطور وجدت في المفهوم الخاطئ لحرية التعبير بما يسيء إلى الأنبياء والرسل والذات الالاهية ، وبما يمس كرامة الأشخاص وشرف الأفراد إرهابا بعينه وشكله ولونه ، ويعتبر ذلك تحريضا علنيا عليه واعتداءا في حد ذاته على حرية الآخرين وحقوقهم ، مما يجب إنزال أقصى العقوبات قد تصل إلى حد الرجم والجلد في الساحات العمومية وفق الشريعة الإسلامية ، أو سيبقى قطع اللسان هو الوسيلة الوحيدة لحفظ كرامة الإنسان ، والانتقام هو المفهوم الجديد لحماية شرف الشرفاء وصيانة سمعة العظماء التي قد يدنسها لعاب بعض البراهيش المغرورين الذين يجدون أنفسهم في ظل حرية التعبير شموعا وحدهم من يضيئون العالم وصوتهم وحده من يملأ الفضاء ، ويريدون باسم المفهوم الخاطئ للحرية والحقوق، الاعتداء المتعمد على كرامة الكرام وشرف الشرفاء ولكن وعدا عليهم نصر الدين وصد المرتزقة والمتخاذلين وقد لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم .