تاوريرت بريس :
احتضنت مدينة وجدة، اليوم الثلاثاء، أشغال اللقاء الثاني من سلسلة اللقاءات الجهوية التشاورية، التي تنظمها المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، في إطار إعداد التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل.
وتأتي هذه اللقاءات التشاورية الجهوية، التي تشمل الجهات الإثني عشر للمملكة (29 مارس – 24 يونيو)، في سياق التحضير لتفاعل المغرب مع هذه الآلية الأممية في جولتها الرابعة بمجلس حقوق الإنسان خلال دورته الـ 41 المزمع عقدها ما بين 7 و18 نونبر المقبل بجنيف، لاستعراض سجلات حقوق الإنسان لدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويشارك في هذا اللقاء التشاوري، المنظم حول موضوع “البعد الجهوي لآلية الاستعراض الدوري الشامل” العديد من الفاعلين الجهويين؛ منهم، على الخصوص، ممثلو المجالس الجهوية، والجماعات الترابية بجهة الشرق، والمصالح اللاممركزة، والمؤسسات الوطنية المهتمة بحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، وكذا جامعيون وبرلمانيون.
ويروم هذا اللقاء تعميق التشاور بين مختلف الفاعلين الجهويين، في أفق الانخراط القوي في تفعيل توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل؛ وذلك من خلال، على الخصوص، تملكهم لطبيعة هذه الآلية الأممية ولقضايا حقوق الانسان التي تثيرها، واستجلاء الخصوصيات الجهوية والتحديات والممارسات الفضلى ذات الصلة.
وأكد الكاتب العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، عبد الكريم بوجرادي، خلال الجلسة الافتتاحية، أهمية هذا اللقاء التشاوري الجهوي حول الاستعراض الدوري الشامل، الذي يجسد تفاعل المغرب مع هذه الآلية الأممية، وكذا الدور الذي لعبه في إحداثها في سياق الإصلاح الهام للمنظومة الأممية لحقوق الإنسان سنة 2006.
وأشار السيد بوجرادي، إلى أن هذا الاستحقاق الأممي الهام يتزامن مع اعتماد المغرب لنموذج تنموي جديد يشكل ورشا مجتمعيا يتوخى إرساء تنمية دامجة ومستدامة قوامها الحد من الفوارق والتفاوتات وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.
وفي السياق ذاته، استعرض السيد بوجرادي، الإنجازات الكبيرة، التي حققها المغرب في مجال تعزيز حقوق الإنسان ومراكمة رصيد مقدر في التفاعل مع آلية الاستعراض الدوري الشامل كان من ثماره اعتماد منهجية وطنية تستجيب للمحددات الأممية في إشراك الفاعلين وتمكينهم من هذه الآلية وتتبع تنفيذ الالتزامات المتمخضة عنها، مشددا على ضرورة مواصلة الجهود لجعل هذه الآلية أداة جماعية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وذلك بأخذها بعين الاعتبار في وضع وتنفيذ خطط التنمية على المستوى الترابي.
واعتبر، في هذا الصدد، أن الإعمال السليم لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل يقتضي تقوية إشراك مختلف الفاعلين على المستوى الترابي؛ من جماعات ترابية وقطاعات حكومية ومجتمع مدني، مشيرا إلى أن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان حرصت على تطوير منهجية ومقاربة تفاعلية مع هذه الآلية الأممية؛ من خلال توسيع مجال الإشراك والتشاور ليشمل جميع جهات المملكة.
من جهته، نوه الكاتب العام لولاية جهة الشرق، عبد السلام الحتاش، بالمقاربة التشاركية التي تنهجها المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان في إعداد التقارير الوطنية؛ لاسيما التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل، معربا عن أمله أن تساهم هذه المبادرة في توسيع دائرة النقاش العمومي حول البعد الجهوي لتنفيذ توصيات هذه الآلية الأممية.
وبعد أن أبرز المهام الأساسية التي يضطلع بها الفاعلون الجهويون؛ خاصة المصالح اللاممركزة والجماعات الترابية المرتبطة بضمان إعمال العديد من الحقوق لفائدة الأفراد والجماعات باعتبارها مؤسسات للقرب، أكد السيد الحتاش، أن تفعيل توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل يقتضي تملك الجهات المعنية طبيعة هذه الآلية الأممية وتوصياتها، وكذا البحث عن أنجع السبل لأخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار في إعداد وتنفيذ الخطط والبرامج على المستوى الترابي.
من جانبها، أبرزت نائبة رئيس مجلس جهة الشرق، السيدة صليحة حاجي، الانخراط القوي للجهة في مسار إدماج بعد حقوق الإنسان في مختلف البرامج التنموية؛ خاصة برنامج التنمية الجهوي، والتصميم الجهوي لإعداد التراب، بالإضافة إلى إحداث هيئات استشارية تعنى بمقاربة النوع وتكافؤ الفرص، وكذا باهتمامات الشباب والفاعلين الاقتصاديين، مشيرة أيضا إلى إبرام مجلس الجهة لمشروع اتفاقية مع الوزارة المنتدبة المكلفة بحقوق الانسان بهذا الخصوص.
بدوره، أبرز السيد عبد اللطيف منير، مدير بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الاهتمام الخاص الذي يوليه المجلس لآلية الاستعراض الدوري الشامل التي تحظى مخرجاتها بتتبع دائم من لدنه، مشيرا إلى أن الجولة الرابعة في إطار هذه الآلية الأممية، ستكون مناسبة لاستعراض المنجزات والأوراش المفتوحة في مجال الحقوق والحريات على الصعيد الوطني، وكذا محطة للوقوف على مدى إعمال الالتزامات والتوصيات المنبثقة عن الجولات السابقة.
وتمحورت أشغال هذا اللقاء حول ورشتين؛ الأولى تناولت البعد الجهوي لتنفيذ التوصيات المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية مع التركيز على قضايا المشاركة في تدبير الشؤون المحلية وحرية العمل الجمعوي والحق في الصحة والتعليم والحقوق الثقافية ومكافحة الفقر والهشاشة.
أما الورشة الثانية، فهمت البعد الجهوي لتنفيذ التوصيات المتعلقة بحقوق المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة والمهاجرين على الصعيد الجهوي، مع تناول سبل ووسائل تعزيز التنسيق بين الجهات الفاعلة الإقليمية لتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل وتنفيذ مختلف التدابير لتحقيق الأهداف المحددة.
وتعد اللقاءات التشاورية الجهوية المحطة الثانية في مسار إعداد التقرير الوطني، بعد المحطة الأولى، التي أطلقتها المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان في يوليوز 2021 من خلال تنظيم أيام دراسية حول هذه الآلية لفائدة مختلف الأطراف المعنية.