تاوريرت بريس :
أطلقت مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، اليوم السبت بالرباط، موقعها على الأنترنت، وأعلنت عن مشروع مجلة العلماء الأفارقة، قصد توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين بكل من المغرب وباقي الدول الإفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها، بالإضافة إلى التوسل بالشبكات الاجتماعية لخدمة قضايا الإسلام والمسلمين على صعيد القارة.
ويتعلق المشروعان اللذان تم الإعلان عنهما خلال الدورة التواصلية العلمية الثالثة، التي تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحت عنوان “إمارة المؤمنين ومكانتها المرجعية في حفظ الثوابت الدينية المشتركة”، وتتواصل أيام 18 و19 و20 ماي، بالموقع الإلكتروني “FM6OA.ORG” وشبكاته الاجتماعية على الإنترنت باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، والذي يستجلي سبل ربط فعال بين علماء وعالمات القارة، وبمجلة العلماء الأفارقة التي ستصدر مرتين في السنة، كمجلة علمية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية والثوابت المشتركة بين الدول الإفريقية، وتضم هيئة تحريرها علماء وأساتذة جامعيين مغاربة وأفارقة.
ويهدف المشروعان إلى المحافظة على وحدة الإسلام والمسلمين بإفريقيا، والقيام بواجب التعريف بالروابط الدينية والتاريخية والحضارية التي تجمع المغرب بالقارة، والحفاظ على الثوابت المشتركة بين المغرب والمجتمعات الإفريقية، بالإضافة إلى تجسير العرى بين علماء وعالمات القارة خدمة لقضايا الإسلام والمسلمين، وضمان إسهام المجتمع العالم في إحقاق السلم والسلام والتنمية على صعيد القارة.
كما ينطلق المشروعان من فكرة مؤداها ضرورة اقتسام الحكمة التدبيرية التي راكمتها المملكة في ما يتصل بإعادة هيكلة الحقل الديني مع البلدان الأفريقية، تعزيزا للهوية الدينية وتمنيعا للوحدة المذهبية، مع الانكباب على نفي التمثلات اللصيقة بالإسلام، وتأبيد اعتداله وانفتاحه، من خلال ثابت هام يتمثل في الإمامة العظمى مؤسسة إمارة المؤمنين.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أحمد التوفيق، أن إطلاق هذه الواجهة التواصلية بين علماء البلدان الإفريقية يعد تجليا من تجليات “التواصي بالحق والتواصي بالصبر” وتمظهرا من تمظهرات العمل بهذا التوجيه الرباني، مستشهدا بخطاب أمير المؤمنين الملك محمد السادس، إبان تنصيب أعضاء المؤسسة، الذي أكد فيه جلالته أن “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، تشكل إطارا للتعاون وتبادل التجارب، وتنسيق الجهود، بين العلماء، للقيام بواجبهم في التعريف بالصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، وبقيمه السمحة، القائمة على الاعتدال و التسامح والتعايش”.
وشدد التوفيق على أن المؤسسة تنبري لحماية الدين “بيقظة، مع الإيقان بهشاشته ككل شيء سام وراق وكامل وطيب”، مضيفا أن لفظ “بيضة الدين” دلالة على استشعار العلماء ضرورة صونه والحفاظ عليه، من خلال تبليغ مقاصده للناس أجمعين، والذين ” يتشوفون لنموذج أمة توجب الاقتداء،.. الشيء الذي لا يتيسر راهنا”.
وبخصوص تغليب الهيئة للجانب السياسي، قال الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة إنه “من البهتان أن يظن منه هذا الشيء”، مستشهدا بذات الخطاب الملكي الذي اعتبر فيه الملك محمد السادس أن قرار “إحداث هذه المؤسسة، ليس نتاج ظرفية طارئة، و لا يهدف لتحقيق مصالح ضيقة أو عابرة، وإنما يندرج في إطار منظور متكامل، للتعاون البناء، والتجاوب الملموس، مع مطالب عدد من البلدان الإفريقية الشقيقة، على الصعيدين الرسمي والشعبي، في المجال الديني”.
وبعدما سجل الحاجة إلى تشخيص واقع الحال قصد العمل على خلق شخصية فريدة لمسلمي إفريقيا، جدد التوفيق التأكيد على أن المؤسسة لا تسعى “لتحقيق غاية دنيوية، بل تنكب على الذود عن هذا الدين كمبتدأ كل عمل صالح”، مشيرا إلى أن مقتضى مركزية المؤسسة التي تتخذ من الرباط مقرا لها، التدبيري الصرف، يعترف بمبادرة فروع المؤسسة المبثوثة في 32 بلدا إفريقيا، خدمة لنفس المرامي والأهداف التي يتضمنها الظهير الشريف رقم 1.15.75 الصادر في 07 رمضان 1436 (24 يونيو 2015) والقاضي بإحداثها.
كما عدد التوفيق مكرمات مؤسسة إمارة المؤمنين وأدوارها في حفظ الملة والدين، مع التأكيد على أن “الكلام عنها لا يستنفذ”، لافتا إلى أن إطلاق موقع للمؤسسة سجل حاجة لجانها المتباعدة جغرافيا إلى التواصل لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.
ولأجل ذلك، جدد الوزير العزم على جعل الموقع الإلكتروني “وسيلة تواصل يومي”، مشددا على أهمية تخصيص باب في الموقع للتواصل مع الطرق الصوفية التي حمت الإسلام من الاستعمار وحصنته من الغزو الفكري، قصد تأبيد العرى والأواصر التي صاغتها المملكة المغربية مع بلدان إفريقيا، وبغية التفاعل مع شيوخ وعلماء هاته الطرق، والتعريف بجليل أعمالهم، خصوصا في ما يتصل بالجانب التزكوي.
من جانبه، قال الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، محمد رفقي، إن المنصة الرقمية والشبكات الاجتماعية الخاصة بالمؤسسة، تستجيب لطلبات المبحرين المهتمين بالشأن الديني بإفريقيا، مضيفا أن الموقع يتميز يمنهجية متطورة من أجل بحث شبكي مفهرس قابل للبحث الموضوعاتي عبر نظام المدونات الخاصة بالنطاقات والفروع.
وأوضح رفقي أن المنصة تتيح أيضا تصفح المصحف المحمدي وتبرز مواقيت الصلاة، مؤكدا أن هذه الوسائط والأدوات العصرية التي تربط الناس، من قبيل التطبيق التشاركي بين العلماء، يروم تقريب التواصل، وحسن تنزيل إنجاز الأعمال وتداولها، بالإضافة إلى إبراز صورتها الخارجية أمام الرأي العام الأفريقي.
وعناية بمكانة مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وموقعها الريادي، دعا الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة إلى تنسيق مبادراتهم وأعمالهم المهنية، في اتساق مع شفافية الأهداف والمرامي التي اختطتها المؤسسة بكل دقة واحترافية، كواجبات تحرص عليها متوسلة بإدارة تدبيرية ناجحة تسهم في نجاح الموقع، وتضمن انتشاره الواسع وتيسر جذب مرتاديه.
وأكد رفقي أن ضبط وتحديد المفاهيم المستعملة وتوظيفها التوظيف الأمثل، بالإضافة إلى استيعاب المعلومات الصحيحة، إلى جانب الالتزام بأهداف المؤسسة والثوابت الدينية التي ترتكز عليها، تستدعي مراعاة خصوصية الدول مع إعمال مبادئ المرونة والتدرج، مشددا على ضرورة تحيين محتوى ومعطيات الموقع بطريقة جذابة عبر الأنشطة والمقالات المحكمة المنتجة بشكل دوري ومستمر.
وخلص إلى أن الموقع يضم برامج تحميل صور وفيديو رهن إشارة المرتادين وفاء لحسن تفاعلهم، داعيا إلى تنسيق المحتوى، ضمانا لنجاحه وسداده. أما المدير المشرف العام على مؤقع المؤسسة، محمد الكوراري، فاستهل كلمته بالتعريف بموقع المؤسسة على الإنترنت ومواقعه الإلكترونية، التي تتساوق مع الأهداف السامية للمؤسسة، وتأتي تنزيلا لتوصيات مجلسها الأعلى، مؤكدا أنه سيتم إغناء الموقع مستقبلا باللغات الأكثر تداولا بالقارة، إلى جانب اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
وأوضح الكوراري أن الموقع يضم قوائم تتعلق أساسا بمؤسسة إمارة المؤمنين والبيعة، بالإضافة إلى الإشعاع الإفريقي والتربية الروحية، مشيرا إلى بند خاص بالموقع يتعلق بالتعريف بعطاء القارة ومعالمها الحضارية، مع التركيز على الثوابت الدينية المشتركة، من خلال دلائل لهذا الغرض، من قبيل التصوف.
أما أستاذ أصول الدين بجامعة القرويين بفاس ومدير تحرير مجلة العلماء الأفارقة، عبد الحميد العلمي، فأكد أن العناية بمجلات البحث تحتل مكانة خاصة في المؤسسات العالمية، وتتفرد بخصوصية قارية مرحب بها، مشيرا إلى أن عدد المجلة الأول سيتوقف عند “جهود العلماء الأفارقة في خدمة الثوابت الدينية المشتركة”.
وأوضح العلمي أن المجلة سطرت لها أهدافا تتمثل، بالإضافة إلى المحافظة على وحدة الإسلام والمسلمين بإفريقيا، توحيد جهود العلماء الأفارقة للتعريف بقيم الإسلام السمحة، مع العمل على نشرها والاستفادة منها، والحفاظ على الثوابت المشتركة بين المغرب والمجتمعات الإفريقية، وكذا جعلها لسانا ناطقا باسم العلماء من المغرب وإفريقيا وغيرها.
يذكر أن قرار إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة يندرج في إطار منظور متكامل، للتعاون البناء، والتجاوب الملموس، مع مطالب عدد من البلدان الإفريقية الشقيقة، على الصعيدين الرسمي والشعبي، في المجال الديني.