محمد عبد الله
توصلت “الجريدة” برسالة من سيدة من مدينة القنيطرة تعبر فيها عن آلامها وقلقها من الخراب الممنهج الذي يطال حافلات النقل العمومية بالمدينة بشكل يومي، والتي تعتبر الوسيلة الوحيدة التي تستعملها صاحبة الرسالة بمعية أبنائها وغالبية ساكنة حيها، وأبرزت السيدة القنيطرية معاناتها اليومية مع المخربين الذين يستهدفون حافلات النقل الحضري بواسطة الرشق بالحجارة دون أن يجدوا من يردعهم سيف القانون، مشيرة إلى هذا الوضع يتسبب لهم في هواجس مرعبة ومخاوف متواصلة، وتعطيل مصالحهم والتسبب للشركة المفوض لها تدبير مرفق النقل الحضري بالقنيطرة في خسائر جسيمة لا يمكن لأي مستثمر أن يتحمل نتائجها، مما يهدد المدينة بالفوضى والفتنة.
وانتقدت ذات السيدة في رسالتها بشدة الأصوات التي تتغاضي عن هذه الجرائم اليومية في حق مرفق النقل الحضري وساكنة المدينة، واكتفائها فقط بتوجيه اللوم لشركة الطوبيسات وتحميلها المسؤولية، مما يعكس حجم التواطؤ والتآمر على استهداف حافلات النقل الحضري بجميع أنواع الخراب والتدمير في نسق منظم وممنهج.
وهذا ما جاء في رسالة السيدة القنيطرية
رسالة إلى مواطني ومواطنات مدينة القنيطرة
منذ مدة طويلة وأنا أتابع باهتمام كبير واقع النقل الحضري بالقنيطرة وكيفية تعاطي الناس معه،وأتابع أيضا وبحسرة شديدة الرسائل المتعددة التي يتم تداولها عبر تطبيق الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي ذات الصلة بحافلات لنقل الحضري خلال الفترة الأخيرة بمدينة القنيطرة، إذ أن أصابع الاتهام تنهال على شركة الكرامة بيس القنيطرة ظلما وعدوانا رغم أن هذه الاخيرة تتحمل كل الأوجاع التي يعاني منها هذا النمط الاقتصادي من النقل لمجسد للقرب.
والغريب في الأمر، أن هؤلاء المنتقدين والمهاجمين لم يكلف أحدا نفسه منهم عناء طرح الاسئلة الحقيقية التي ربما كان بالامكان عبرها إيجاد منطلق لحل هذا المشكل الكبير الذي أصبح مزمنا، واستمراره سيؤدي حتما بالشركة إلى الإفلاس في ظرف وجيز.
سؤالي الأول هو كالتالي:
ما هي الفائدة التي ستجنيها شركة الكرامة بيس القنيطرة من إغراق مقاولتها بعدما استثمرت أغلفة مالية باهضة في اقتناء عدد مهم من الحافلات,و تشغيل موارد بشرية مؤهلة لتأمين خدمة اجتماعية موجهة للعائلات ذات الدخل المحدود بالمدينة التي أنتمي أنا شخصيا إليها؟
فأنا مزدادة بمدينة القنيطرة,وأقطن بحي الفوارات, أعمل كاتبة بمديرية إحدى الشركات الخاصة،أرملة وربة أسرة مكونة من 4 أطفال أعيلهم بمفردي. إثنان منهم طلبة جامعيون وإثنان بالمرحلة الثانوية ، في تنقلاتنا اليومية أستعمل أنا وأبنائي الأربعة حافلات النقل الحضري على الخطوط 7 – 3 و 2 – 33 ، ولكن مع الأسف الشديد، أعاين أن خدمات النقل بهذه الخطوط ماضية نحو التدني والتدهور بشكل متواصل،وهي الوسيلة الوحيدة التي نستعملها في تنقلاتنا اليومية.
ولكن كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد، سأدلي بشهادتي في الموضوع:
مرات عديدة ومتعددة ، شاهدت بأمي عيني عصابات من اليافعين ( لم يكونوا بالضرورة من منحرفي الحي) يتسلقون الباب الخلفي للحافلة المخصص للنزول، وذلك من أجل التنصل من آداء تذكرة الركوب، وعند تصادفهم مع المراقبة حيث يتعين عليهم آداء دعيرة عدم الآداء، ينتهي الأمر في الغالب بمشاجرات عنيفة أمام أعين باقي الركاب الذين غالبا ما يهيمن عليهم شبح الخوف والتوجس…
وبالطبع ، فور مغادرتهم الحافلة بالقوة ،يقومون بترصد الحافلة عند عودتها عبر نفس المسار لرشقها بأكوام من الحجارة انتقاما من عملية المراقبة.
وقد تمكنت أنا وأبنائي وباقي الأمهات اللواتي يستعملن نفس الخطوط من التعرف على عدد من مخربي الحافلات بواسطة الحجارة، لكن لم يكن بمقدورنا إبلاغ رجال الأمن خوفا من انتقامهم ومن ردود أفعال عائلاتهم التي تقطن بنفس الحي.
وبما أننا أصبحنا رهائن لديهم، بل ومتورطون معهم بصمتنا، نجد أنفسنا اليوم مجبرين على تحمّل الحالة المزرية التي آل اليها واقع مرفق النقل الحضري إذ أن كل يوم يعرف خرابا أكثر عدوانية من اليوم الذي سبقه، وقد عاينت حافلات جديدة تتعرض للخراب والرشق بالحجارة وهذا ما يقودني لطرح تساؤل ثاني ردا على التدوينة التالية :
” إذا لم تكن أي من الحافلات الحالية (أو أكثر) التي تجوب مدينة القنيطرة بكامل زجاج نوافذها وتعوضها صفائح معدنية تحجب الرؤية تماما على المرتفقين، فكيف لنا أن نعتبر بأن تثبيت شبابيك حديدية وقائية كما تقترح ذلك شركة الكرامة ستجعل من الحافلة سجن”.
إلى الذين دونوا هذه العبارة ،أقول عار عليكم أن تتجاهلوا حقيقة : أن حافلات نقلنا الحضري أصبحت هدفا في مرمى لعصابات من المراهقين والشباب الذين لا ضمير لهم ،والذين يزدادون أكثر عدوانية وشراسة يوما بعد يوم أمام غياب الردع والعقاب الزجري الشيء الذي جعلنا بمعية أبنائنا في وضعية “رهائن” لدى هذه العصابات رغما عن إرادتنا.
أقول إذن وبأعلى صوت وبأقوى صرخة من أعماق قلبي :
نعم، نعم أنا مع مشروع تثبيت شبابيك وقائية للحافلات
نعم ..من فضلكم، يا شركة الكرامة، ثبتوا هذه الشبابيك في أسرع وقت ممكن لحماية النساء والأطفال وباقي الركاب من الرشق المرعب بالحجارة، ثبتوها على زجاج النوافذ حتى يصعب على العصابات الاجرامية تهشيمها وبالتالي تأمين سلامة وأمن وراحة المواطنين أثناء رحلاتهم على متن الحافلات، واستعادة الاحساس بالأمان والسلامة.